تراكمت مشاكل وهموم الحياة على عموم السوريين في بلدان الاغتراب تركيا ولبنان، في حالة مأساوية لا مثيل لها منذ نزوحهم إليها قبل عشر سنوات، كل شيء أصبح من المستحيل حتى رغيف الخبز والشعور بلمسة دفء وسط هذا البرد.
أبو خالد وأبو أحمد نازحان سوريان أجبرتهما ظروف الحرب والبحث عن أمل أفضل بمغادرة سوريا، ليتعرفا على بعضهما بتركيا ويتسامران كل ليلة تفاصيل أيامهم التعيسة على أصداء عزف البرد مقطوعاته التي تقشعر لها أبدانهم.
يصف أبو خالد الشاب في منتصف عقده الثالث ويعاني من أمراض بعموده الفقري ولا يقوى على العمل لمدة طويلة عن دخول العام الجديد واستغراب الناس بالاحتفال به، يقول” أنا ماعندي حق خبز كيف العالم هاي مصيفة ونحنا ماعنا شي ندفا عليه”، يكمل حديثة من تحت الأغطية التي وضعها على نفسه من شدة البرد كي لا يتحرك الألم بظهره فينسيه طعم النوم بليالي الشتاء القاسية.
أما أبو أحمد يخرج منذ الصباح الباكر قاطعا مسافة طويلة لمكان عمله ويقول “ياليتني أخذ بنج حتى ما أحس بالبرد وطول الطريق علي، كل يوم نفس السيرة روحة رجعة حياة أبشع من القهر نفسو، يارب دخيلك الفرج” يبدو أن أبو أحمد في اكتئاب شديد لأنه يعاني من ظروف عمل قاهرة ومن صاحب العمل الذي يرى به مجرد آلة بالمعمل، لا بل على العكس قد يهتم بالآلة أكثر من عماله، المال الذي يجعل قلوب البشر سوداء.
يقول أبو أحمد”لو أنا عندي مصاري كتيركنت بعطي أجر كويس للناس خلا تعيش الحياة شو بالأخير كلو رايح”.
يرجع أبو أحمد إلى رفيق غرفته الصغيرة بلا وسيلة تدفئة لأنها تسبب تكاليف مالية عالية، في حين يعتبرون أنهم في حاجة للطعام والماء أكثر من الدفء، حالة مرعبة لشبان لا يعرفوا شق طريقهم في الحياة التي تزاحمت بها أطماع وشراسة بعض البشر، منعتهم من بناء عائلة واللعب مع أطفالهم، حرمتهم من تكوين ذواتهم وتأمين لقمة عيش كريمة.
يقولان بابتسامة متشائمة ” نحنا على هالحال من سنين مافي شي جديد بحياتنا ويمكن رح نضل هيك” بحسرة تملأ عيونهم تكاد الدموع تنسكب على وجوههم المجعدة.
أبو خالد يأن بعض الليالي من ألمه الذي يثقله صقيع البرد مجففا أعصابه ودمه، الذي مازال ينتظر العلاج وعليه دفع نفقات الأدوية بدون معيل أو كفيل، الإنسان يموت إذا أصيب بأي شيء وإن كان بسيطا هنا.
قصة خبرية/ طارق الجاسم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع