التفاوض الأميركي الروسي حول وقف إطلاق النار في الجنوب يبدو أقل صموداً يوم الاثنين الماضي، بعد يوم واحد من دخول الهدنة حيز التنفيذ.
سجّل الثوار و مراقبو حقوق الإنسان خروقات عديدة لقوات النظام, وذلك بقصف مدفعي متقطّع على الريف حول مدينة درعا، و تبادل لإطلاق النار بالأسلحة الثقيلة بين الأطراف المتنازعة بالقنيطرة، قرب الحدود مع إسرائيل.
و لكن الوضع يبدو أكثر هدوءاً مما كان عليه في الأسابيع الماضية، حيث جرت اشتباكات بين الثوار وقوات النظام في حي المنشية بدرعا، إضافةً إلى شن القوات الموالية للنظام هجوما مفاجئا على بلدة ‘الجمرك’ الواقعة تحت سيطرة الثوار ، لاعتبارها منطقة استراتيجية على الحدود مع الأردن.
نجح الثوار بصد هذه الهجمات في الساعات الأولى من 20 يونيو حزيران، حيث بقيت الحدود واوتستراد دمشق-عمان تحت سيطرتهم.
يوم الاثنين كان هادئاً مقارنةً بالمعارك العنيفة، حيث انهالت عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي إضافة إلى حرب الشوارع بالمنطقة هناك.
ووصفت مجموعة المراقبة في المرصد السوري لحقوق الإنسان، مركزها بريطانيا، الساعات الأولى من الهدنة ‘بالهادئة’ والتي غطت مساحات واسعة من الحدود مع اسرائيل و الأردن إلى الحدود السورية مع العراق.
وقال ‘عصام الريس’ المتحدث الرسمي بإسم ‘ثوار الجنوب’ “إنه من المبكر جداً الحديث عن نجاح الهدنة و لكن هذا ‘الهدوء الحذر’ صامد حتى اللحظة, و يعود الفضل إلى المشاركة المباشرة من الولايات المتحدة و روسيا.”
وأضاف:” الدول الضامنة [ أميركا و روسيا] هما الأقوى [ في النزاع] و لكن يوجد خروقات”.
كما لعبت الأردن دور الوسيط لاتفاق وقف إطلاق النار، و قال ‘محمد مومني’ وزير الدولة الاردنية لشؤون الإعلام ‘وُقِّعت الهدنة لإنشاء بيئة مناسبة لإيجاد حل دائم للأزمة السورية.
تأثرت الأردن بقوّة جراء حرب جارتها.
وقال ‘مومني’ إنه تم الاتفاق على تحديد خطوط وقف النار. بينما قال ‘الريس’ إنه لم يتم الاتفاق حتى الآن على توزيع أماكن سيطرة الثوار و قوات النظام أثناء الهدنة.
وهذا يعني بأن الطرفين ما زال بإمكانهما السيطرة على أراضِ جديدة، كون الضامنين لم يرسموا حدود السيطرة بعد.
في حين وافق كل من الرئيس الأميركي ‘دونالد ترامب’ و نظيره الروسي ‘فلاديمير بوتين’، على الهدنة الحالية يوم الجمعة وتم الإعلان عنها بنفس اليوم، حيث دخلت حيز التنفيذ في منتصف يوم الأحد.
وأفاد بيان نشره وزير الخارجية الروسي ‘سيرغي لافروف’ بأن الولايات المتحدة وروسيا وعدوا ‘بإلتزام جميع الأطراف بالهدنة’ وتجهيز وصول المساعدات الإنسانية.
وإذا نجحت الهدنة، سوف تسمح بإنشاء مناطق خفض تصعيد أو مناطق ‘آمنة’ أكثر في الجنوب السوري، التي سعت إليها إدارة ترامب منذ شهور.
وقال المحلل في مؤسسة جيمس تاون الأميركية ‘نيكولاس هيراس’ “بأن فريق ترامب كان له الوزن في تحقيق هذا الاتفاق وخطوة كبيرة إلى الأمام، وخاصة أن أنشاء مناطق آمنة في سوريا كانت من ضمن سياساته الخارجية أثناء حملته الانتخابية”.
وهناك بعض التفاصيل الدقيقة في الوقت الحالي عن الهدنة، عن خطوط سيطرة محتملة أو عن مناطق خفض التصعيد. على وجه الخصوص، يوجد بعض التفاصيل عن كيفية تطبيق مناطق السيطرة وما العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة وروسيا على الأطراف التي ستخرق الاتفاقية. و من الممكن أن تلعب القوات الجوية الأميركية والشرطة العسكرية الروسية دورا في ذلك.
وقامت الطائرات الأميركية الشهر الماضي بضرب أهداف عسكرية للنظام على الحدود العراقية في جنوب شرق منطقة خفض التصعيد، عندما اقتربوا من القوات الأميركية في المنطقة هناك.
وأُخبِرت قيادة العمليات العسكرية للثوار بعدم المبادرة بأي هجوم على الخطوط التي تسيطر عليها قوات النظام أثناء الهدنة، و لكن يجب عليهم التصدي و الدفاع عن أنفسهم في حال قام الأخير بأي هجوم.
و بحسب تقارير غير مؤكدة بأن وقف إطلاق النار يتطلب ابتعاد الميليشيات الايرانية و ميليشيا حزب الله لمسافة 40كم بالحد الأدنى عن الحدود مع الأردن وإسرائيل.
وبحسب التقييمات الاستخباراتية للثوار، لعبت قوات الحرس الثوري والميليشيات الايرانية و ميليشيا حزب الله دوراً محورياً في المعارك التي دارت مؤخراً في حي المنشية بدرعا.
وقال العقيد ‘ أبو مجد’ الذي يتولى جبهات قتال تنظيم الدولة في المنطقة، إن الوضع في الجنوب السوري متجه نحو الحل السياسي أكثر من اتجاهه نحو الحل العسكري.
و أضاف ” بهذه الهدنة، سوف نحوّل تركيز الجيش للاتجاه نحو ‘حوض اليرموك’ لهزيمة تنظيم الدولة.
كما قام الثوار وبدعم عربي-غربي بالجنوب السوري، بفتح جبهة ضد القوات الموالية للنظام وجبهة أخرى ضد تنظيم الدولة، علماً بأنهم لا يملكون الموارد والدعم الكاف للنصر.
ترجمة المركز الصحفي السوري- ذا ناشيونال