رافق إعلان استقالة المعارض السوري محمد علوش من منصبه كبير مفاوضي وفد المعارضة السورية في جنيف الكثير من التفسيرات عن وهن الهيئة العليا للتفاوض والضغوط المسلطة عليها، وهو ما نفاه علوش مؤكدا استمراره في الهيئة.
وجاءت هذه التفسيرات في ظل تقارب في المواقف توحي بها تصريحات كل من الولايات المتحدة وروسيا, ناهيك عن لقاء وصف بالإيجابي تجاه سوريا بين وزيري الخارجية السعودي والروسي, وهي معطيات لن يكون الميدان بما يحفل من تطورات بمنأى عنها.
وأكد علوش في حديث خاص للجزيرة نت أنه لم تكن هناك أي ضغوط من أي طرف دفعته إلى إعلان استقالته من منصبه, مبينا أنه لا يزال عضوا في الهيئة العليا للتفاوض، وأن “الضغوط الوحيدة التي أدت إلى الاستقالة والتي ترزح تحتها الهيئة أيضا هي من جانب الشعب السوري ومعاناته”.
وبيّن كبير مفاوضي وفد المعارضة السابق وممثل جيش الإسلام في الهيئة العليا للمفاوضات أن الاستقالة هي احتجاج على العملية التفاوضية الجارية وليس على الهيئة, فالتفاوض هو أداة, وللهيئة أن تنتج أدوات أخرى سياسية وعسكرية تؤدي إلى حل جذري لمعاناة السوريين.
وأكد علوش أنه لا يزال في الهيئة العليا للمفاوضات، وهي عمليا من ترسم الإستراتيجيات التي يتحرك في إطارها وفد التفاوض, وهذه الإستراتيجيات جميعها تدور في فلك محددات مؤتمر الرياض التي التزمت بها كل الأطراف ولا تزال، على حد تعبيره.
وبحسبه فإن الهيئة العليا لا تزال تحظى بكل الدعم والتأييد، وهي “مطلب الشعب السوري، وهي العنوان الأساسي للثورة السورية, وهي الأنسب للتحدث باسم السوريين, ونحن نشجع ذلك وندعمه”.
وعبر المعارض السوري عن أمله في اعتماد شكل جديد من الدعم العملي والفعال, يتناسب -على الأقل- مع الدعم المفتوح العسكري والمالي والسياسي والإعلامي وحتى البشري، الذي يحصل عليه النظام السوري من حلفائه, وتحديدا من روسيا وإيران.
وفي تعقيبه على وصف روسيا لاستقالته بأنها شيء إيجابي، أكد أن “روسيا ارتاحت لأنها تريد أن توجد معارضة سورية شكلية، تصفق للنظام وتدور في فلكه وتساعد في إعادة إنتاج النظام من جديد”.
وأشار إلى أن المعارضة السورية لا تدافع عن سوريا فقط في هذه المرحلة, بل تدافع عن المنطقة ككل وعن هويتها الاجتماعية والثقافية أمام التوغل الإيراني المدعوم من روسيا.
علوش أكد أن روسيا ارتاحت لاستقالته لأنها تريد معارضة شكلية تفاوض النظام (الجزيرة) |
مرحلة جديدة
من جانبه أيّد نصر الحريري عضو الائتلاف السوري المعارض -أبرز كتل هيئة المفاوضات العليا- عدم وجود أي ضغوط تُمارس على الهيئة لتبديل أي من أعضاء وفد التفاوض, ونوه إلى أن التغيير في وفد المعارضة كان مطروحاً منذ اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات الذي انعقد في أبريل/نيسان الماضي.
وأشار الحريري إلى أن استقالة علوش وفق توضيح الأسباب الموجبة لها كما جاءت في البيان، لا تحرج وفد الهيئة العليا، بل تقوّيه وتدعمه, فالاعتراض حقيقي وجوهري.
من جانبه يرى الصحفي والكاتب السوري غسان إبراهيم أن استقالة محمد علوش ستنعكس إيجابا عليه وعلى وفد التفاوض، فبقاؤه عضوا في الهيئة العليا للمفاوضات يتيح له التفرغ لمساعدة الهيئة وتقديم النصيحة لها في الشؤون العسكرية مستفيدا من كونه مقربا من كل فصائل الثورة.
وأشار إبراهيم إلى أن المعارضة يجب عليها وبعد ست سنوات أن تبتعد عن الاختيار على أساس المحاصصة, منوها إلى وجود مشاكل –بحسب تعبيره- في وفد التفاوض تتمثل في طريقة تشكيل الوفد وأدوار أعضائه.
وأكد إبراهيم أن هذه المرحلة تعد آخر فصل من فصول الحل المزمع فرضه دوليا, وهناك وصفة دولية سُتفرض على سوريا, لذا يجب تعديل وفد المفاوضات واستقطاب الجميع تحت مظلة الهيئة, من عرب وكرد, بمختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية.