في رحلة تهجيرٍ تعتبر الأكبر في تاريخ الثورة السورية، هجّر نظام الأسد عشرات الآلاف من الناس من قراهم ومنازلهم جنوب إدلب، ليبدأ بعدها السيطرة على القرى قريةً تلو الأخرى.
شاهد… قصة أم أحمد لتتعرف على #انتهاك_الحقوق وضياعها
بدأ الاقتحام مع ساعات فجر يوم الرابع والعشرين من شباط/2020، فبعدما أن أطبق النظام سيطرته على خان شيخون بوابة ريف إدلب الجنوبي، ثم ريف حماة الشمالي المعقل الأبرز للمعارضة وصولاً إلى معرة النعمان، لم يتبقَ سوى ريف إدلب الجنوبي أمامهم ليبدأ اجتياحها.
كانت خطة النظام هي السيطرة على “كفرسجنة” والتي تعتبر بوابة جبل الزاوية، فحاصرها شرقاً وجنوباً على محورين، وبدأ خطة قضم القرى تِباعاً، سيطر على ركايا سجنة، الشيخ دامس وحيش من ثم كفرسجنة والشيخ مصطفى ومعرزيتا ومعرة حرمة حتى وصل إلى كفرنبل.
جاءت السيطرة على الريف الجنوبي لإدلب، بعد أن أحكم النظام نهاية 2019 سيطرته على مساحة 1000 كلم مربع من كامل مساحة إدلب، في معدل 114 قرية، ليكمل بعدها السيطرة على جنوب إدلب ومنطقة جبل شحشبو.
ليست قرى إدلب وحدها التي سيطر عليها النظام تلك الفترة، فقد نجح في السيطرة على ريف حلب الغربي والجنوبي، وريف حماة الغربي بسهل الغاب، حتى وصل حماة بحلب بعدما أطبق السيطرة على أوتستراد دمشق حلب.
تهجيرٌ لم تعهده سوريا في تاريخ ثورتها، بلغ عدد النازحين في الداخل 2.1 مليون نسمة، كثافة سكانية عالية وصلت بحسب فريق منسقو استجابة سوريا إلى 821 نسمة في الكيلو مترٍ المربع.
خلف الاحتلال خسارةً كبيرةً عند المدنيين، فمعظم أولئك النازحين هم من المزارعين، الذين يعتمدون الأرضَ مصدر رزقٍ لهم، وأكثر ما حزّ في نفوسهم هو إبعادهم عن تلك الأرض.
أحمد أحد مهجري قرية “كفرسجنة” جنوب إدلب، والذي نقله التهجير إلى الشمال السوري، يقول “حرمنا النظام أرضنا وممتلكاتنا، ودمرت منازلنا ومحالنا التجارية، وكل شيء في ديارنا يشهد على وحشية المحتل الروسي الذي صبّ حمم طائراته على البلدة”
“التعفيش” طريقة ينتقم النظام بها من المدنيين، ويكافئ بها عناصره وشبيحته، يستحلّ من خلالها الشبيحة كل ماتراه أعينهم، فيقومون بسرقة كل ما يريدون من بيوت القرى المسيطر عليها، من أسلاك وأبواب وشبابيك، والمطابخ وتجهيزاتها الرخامية، حتى بلاط الأرض قاموا بإزالته.
حتى حديد أسقف المنازل لم يسلم منهم، كما فعلوا بأسقف المنازل في كفرسجنة دمروها لسحب الحديد، قتل اثنين من مليشيات الأسد بعد سقوط المنزل عليهم، ولم يكتفوا عند هذا القدر، فمعظم الأراضي في المنطقة قام النظام بتقديم عروض لاستئجارها، ما أثار غضب مالكي تلك الأراضي.
واليوم وبعد عامٍ من احتلال تلك القرى، وأكثر من عامٍ على تهجيرهم منها، يأمل الأهالي أن يعودوا إليها قريباً، ولا شيء في هذه الدنيا يغنيهم عن قريتهم التي دفنوا فيها أحلامهم وأمانيهم وتركوها مكرهين.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
إبراهيم الخطيب