أعلنت شركة النفط الإيرانية أنها ستطرح الأربعاء سندات في السوق المحلية الموازية للبورصة بقيمة 20 تريليون ريال، في خطوة يرى محللون أنها دعائية وأن طهران قد ترتّب شراءها من قبل جهات مرتبطة بها للإيحاء بثقة الشارع بها.
ويتضح حجم الأزمة التي تعاني منها مؤسسات الحكومة الإيرانية في نسب الفوائد المرتفعة التي أعلنها المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية مسعود كرباسيان، الذي قال إن نسبة الفوائد عليها “تبلغ 19 بالمئة وبأجل ثلاث سنوات، وتدفع فوائدها بواقع دفعة واحدة كل ستة أشهر”.
ونسبت وكالة فارس الإيرانية إلى كرباسيان قوله إن شركة النفط الوطنية سوف تطرح عدة أدوات تمويلية في السنة المالية الجديدة التي تبدأ في 21 مارس الجاري، لتمويل مشاريع النفط والغاز.
ورغم ضخامة المبلغ بالعملة الإيرانية التي فقدت أكثر من ثلثي قيمتها منذ إعلان الرئيس الأميركي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018، إلا أنه لا يعادل سوى 152 مليون دولار بالسعر السائد في طهران الثلاثاء.
مسعود كرباسيان: نسبة فوائد السندات 19 بالمئة وتدفع بواقع دفعة واحدة كل ستة أشهر
وحتى في السعر الرسمي الذي لا أثر للتداول به في الأسواق الإيرانية والبالغ 42 ألف ريال للدولار، فإن قيمة الإصدار تعادل نحو 476 مليون دولار. ويشير موقع بونباست إلى أن سعر الدولار بلغ أمس 131 ألف ريال.
ويشكّك محللون في إقبال الإيرانيين على شراء السندات رغم الفوائد المرتفعة، بسبب عدم ثقتهم بالحكومة الإيرانية. ويرجحون أن تلجأ السلطات إلى شرائها عن طريق واجهات تابعة لها للإيحاء بثقة المستثمرين الإيرانيين بالسندات الحكومية.
وقالت وكالة فارس إن الطرح يهدف إلى تمويل مشاريع في مجال النفط والغاز، كما يأتي “لمواجهة المشاكل التي تواجه الشبكة المصرفية في تمويل المشاريع الكبرى بسبب العقوبات الأميركية والقيود التي تفرضها على تدفق الاستثمارات على إيران”.
وتستهدف وزارة النفط الإيرانية تنفيذ 33 مشروعا لتخزين وإنتاج النفط بهدف الحفاظ على مستوى إنتاج النفط والغاز وصيانة مخازن الطاقة، لكنّ محللين يشككون في قدرتها بعد اعترافات المسؤولين مرارا بعجزهم عن تطويرها.
وفي هذه الأثناء عززت وزارة النفط الإيرانية محاولات زيادة إنتاج الغاز بالإعلان عن قرب إطلاق أربع مراحل جديدة في حقل بارس الجنوبي، وهو حقل مشترك مع قطر التي تكاد تستأثر باستغلاله منذ نحو 23 عاما.
وكان وزير النفط الإيراني بيجان زنغنة قد ذكر في الشهر الماضي أن إنتاج إيران من الغاز من حقل بارس الجنوبي بلغ 610 ملايين متر مكعب يوميا، وقال إن إيران تجاوزت حجم إنتاج قطر من الحقل المشترك.
لكنّ المحللين يشككون في تلك التصريحات التي قد تكون موجّهة للشارع الإيراني. ويؤكدون أن قطر تكاد تستأثر بمعظم الإنتاج في ظل اعتمادها على أكبر الشركات العالمية.
ونقل الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية (شانا) عن بيام معتمد مدير مشروع المرحلة الثالثة عشرة في حقل بارس الجنوبي قوله أمس إن مصفاة غاز في الحقل دخلت طور التشغيل الكامل وجاهزة لافتتاح الرئيس حسن روحاني لها.
وقال إن “مصفاة تلك المرحلة في طور التشغيل الكامل.. أول شحنة مكثفات غاز من المرحلة الثالثة عشرة تم تسليمها في 11 مارس للتصدير”. وذكر أن المصفاة قادرة على معالجة 56.6 مليون متر مكعب من الغاز يوميا.
وأضاف أنه جرى استثمار نحو 5 مليارات دولار من أجل تطوير المرحلة الثالثة عشرة من الحقل، وأن القيمة الإجمالية للمنتجات اليومية من المرحلة تبلغ 5 ملايين دولار.
152 مليون دولار قيمة إصدار السندات المقرر الأربعاء في ظل سعر الدولار الذي بلغ الثلاثاء 131 ألف ريال
وعلقت توتال الفرنسية ومؤسسة البترول الوطنية الصينية الاستثمار في مشروع بارس الجنوبي العام الماضي بعد أن هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع إيران بعد إعادة فرض العقوبات على قطاعي الطاقة والبنوك في إيران في نوفمبر الماضي.
ويبدو من المستبعد أن تتمكن طهران من اللحاق بالاندفاع القطري لاستثمار ثروات الحقل المشترك بعد أن وضعت الدوحة استثمارات هائلة، في وقت تعرقل فيه العقوبات الدولية مساعي طهران لاستثمار جانبها من الحقل.
واستغلت الدوحة دخول طهران في نفق العقوبات الأميركية بتوسيع خطط زيادة إنتاج الغاز من حقل الشمال لتعزيز انفرادها باستغلال الثروة المشتركة.
ويبدو التقارب المعلن بين الدوحة وطهران مليئا بالتناقضات رغم أنه يستند إلى معاناة البلدين من عزلة دولية ومن أزمات متشابهة واتهامات دولية بدعم الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
نقلا عن صحيفة العرب