في سوريا قد يكبر الطفل بسرعة دون أن يحس بطفولته، فيتصرف كالكبار ويتحول إلى بالغٍ، بسبب غياب السند فيحمل مسؤولياتٍ أكبر بكثيرٍ من عمره، ولكن لماذا!!؟
الطفلة ربا ٩ أعوام من ريف سراقب بلدة ” جب كاس ” نزحت مع أهلها بعد سقوط المدينة بيد قوات النظام وحليفه الروسي، واستقرت في أحد مخيمات الحدود السورية التركية.
خرجت ربى من قريتها مع أهلها بثيابهم، سيراً على الأقدام بسبب القصف الجنوني من قبل ميليشيات النظام، قبل عامٍ تقريباً.
أخبرتنا أمها عن تلك اللحظات، والحسرة في وجهها، وهي تتذكر تلك الأيام بكل تفاصيلها، قالت:
” أتذكر تلك الليلة التي صرخوا فيها في مكبرات المساجد أن النظام أصبح على بعد كيلومترين من القرية.
خرجنا سيراً على الأقدام لعدم توفر وسيلة نقل، كل سكان القرية خرجوا سيراً على الاقدام إلى إدلب وكانت ربا في السادسة من عمرها لا أنسى تلك اللحظات ابداً ”
تعمل ربا بائعةً للمعروك، وتعيش في مخيم ملعب “كللي” الأهلي على طريق باتبو _كللي، حتى تؤمن ثمن الخبز لأخواتها الصغار، فوالدها مريضٌ لا يقوى على العمل.
سألنا والدتها عن عملها فقالت:
” ربا لم تدخل المدرسة، أنا أحضر لها بعض المعروك لتبيعه على الطريق العام خارج المخيم، لتحصل على بعض المال الذي قد لايكفينا شراء الخبز، والدها لا يستطيع المشي ويحتاج للعلاج وأنا بالكاد أتدبر أمر اخواتها الصغار”
لدى ربا خمس أخوات إناث هي المعيل الوحيد لهنّ.
تعيش عائلة ربا مع عائلة خالها بخيمةٍ واحدةٍ، كانت الخيمة حظيرة أغنامٍ في السابق.
ربا فتاة خجولة لم تقبل التحدث إلا بصعوبة، سألناها عن أحلامها وعملها في بيع المعروك، فقالت وهي تقرض أظافرها بأسنانها بكل استحياءٍ:
” أحلم أن أتعلم وأن يُشفى والدي ونعود لقريتنا ”
جملة صغيرة قالتها ربا لا تتعدى بضع كلمات، لكنها تختزل كل المعاناة والألم، وتبوح بحلمها؛التعليم والسند والوطن.
قد يجيب ذلك على تساؤلاتنا في مقدمة هذه القصة، وعن ما دفع أطفال سوريا للتحول لكبار خلال سنوات الحرب المؤلمة .
بقلم ضياء عسود