المقترح السعودي بالرغبة في إرسال قوات برية إلى سوريا، ومن قبلها إمكانية إرسال طائراتها لتنضم إلى قوات التحالف الدولي لمحاربة عناصر تنظيم “الدولة”، فرض واقعاً مغايراً على غير المألوف في المنطقة.
التحرك السعودي الجديد ألجم النظام الإيراني، عبر رغبة مختلفة عن تلك التي سعت طهران إلى فرضها، وتختلف بذلك عن مسعى المحور الإيراني الروسي في سوريا، الأمر الذي جعل وزير الخارجية الإيراني يدعو الرياض إلى الجلوس على مائدة المفاوضات والوصول إلى حل لبعض القضايا وفق المصالح المشتركة للبلدين.
الرد السعودي اتسم بالحنكة وتبدل الأدوار، فجاء الرفض من وزير الخارجية عادل الجبير، مؤكداً أنه لا حاجة للجلوس والتفاوض، وأن الأجندة واضحة وتشمل عدم التدخل في شؤون المنطقة العربية ورفع اليد الإيرانية عن زراعة خلاياها بالدول العربية، والتوقف عن تهريب المخدرات داخل الدول الخليجية، وأمور أخرى من شأنها زعزعة استقرار دولنا.
تزامن مع تلك التصريحات السعودية، إعلان سعودي صريح بعدم وجود مكان للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة القادمة، مهما كانت التكاليف، ومهما كانت المخاطر.
– تصعيد سعودي برفض الأسد
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد، الأحد، أن روسيا الداعمة للنظام السوري “ستفشل في إنقاذ بشار الأسد”، مشدداً على أن القرار السعودي محسوم برحيل من قتل مئات الآلاف من شعبه، وشرد ملايينه.
وزاد الجبير، في تصريحاته بالمؤتمر الصحفي الذي عقده بالرياض مع نظيره السويسري ديدييه بوركهالتر، قائلاً: “في حال أن العملية السياسية فشلت، فإن القتال سيستمر والدعم للمعارضة سيستمر، والدعم للمعارضة سيكثف، وفي نهاية الأمر فإن بشار الأسد سينهزم”.
– تهدئة إيرانية
قبل يومين، دعت الخارجية الإيرانية، على لسان وزيرها محمد جواد ظريف في مؤتمر ميونيخ للأمن، الجمعة، إلى ضرورة تجاوز العلاقات المتوترة مع السعودية، والعمل من أجل الاستقرار في سوريا والشرق الأوسط.
ظريف شدد على ضرورة النظر إلى المصالح المشتركة بين البلدين، الأمر الذي عقب عليه الخبراء والمحللون برغبة إيرانية في التهدئة مع السعودية، لشعور طهران بجدية التحرك السعودي المرتقب في سوريا.
كذلك، حرص ظريف على استثمار وجوده في مؤتمر ميونيخ، باستمالة الطرف السعودي، فاستخدم عبارة “أشقائنا في السعودية”، قائلاً: “المتطرفون يشكلون تهديداً على أشقائنا في السعودية مثلما يمثلون تهديداً على باقي المنطقة، ونحن مرتبطون بمصير مشترك”، الأمر الذي أرجعه محللون بالحرص لعدم وصول الأمر إلى مواجهة مسلحة.
– رغبات إيرانية يلجمها النظام
وبالرغم من تصريحات ظريف ورغبة بلاده في الوصول لتفاهمات دون تصعيد الصراع، إلا أن بعضاً من مسؤوليها ما زالوا يعتمدون التصعيد الإعلامي لخلق حالة من التوازن، والإيحاء برفض إيراني للتحركات السعودية الأخيرة.
من تلك التصريحات، ما قاله فرزاد إسماعيلي، قائد في سلاح الجو الإيراني، باستعداد طهران للتدخل جواً في سوريا، حال طلب النظام السوري تدخلها.
– تحركات سعودية ضمن التحالف
العميد أحمد عسيري، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي والمتحدث باسم التحالف العربي، أكد في 11 فبراير/ شباط، أن بلاده جاهزة لإرسال قوات برية إلى سوريا بمجرد اتخاذ التحالف الدولي قراراً بذلك.
عسيري شدد على أن موقف السعودية بالمشاركة البرية ضد تنظيم “الدولة” نهائي لا رجعة فيه، إذ بدأت بالفعل في إرسال طائراتها إلى قاعدة إنجرليك التركية، وفق ما ذكره وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو.
– الحرس الثوري والنيات الخفية
وفي محاولة لكسب ورقة في المفاوضات، نشر موقع لونغ وور جورنال ما يفيد تحركات الحرس الثوري الإيراني على الأرض بسوريا، ومحاولة استرداد أراضٍ واقعة تحت سيطرة المعارضة، أملاً أن تكون ورقة رابحة في المفاوضات.
واعتبر الموقع الأمني، في تقريره، أن محور الأسد – إيران يضمر نية سيئة، دلت عليها تصريحات الأسد مؤخراً بإصراره على استرداد كامل الأرض الواقعة تحت سيطرة المقاومة.
تضمن التقرير تسجيلاً صوتياً يكشف عن الدور الإيراني في فك الحصار عن قريتي كفر نبل والزهراء، مشيراً إلى أن الحرس اندمج مع المقاتلين الشيعة الذين جاؤوا من دول ومناطق متفرقة، يعملون تحت قيادة سليماني.
– قلق إيراني من التنسيق التركي السعودي
التحركات والأوراق التي تكسبها الرياض يوماً بعد يوماً، صارت مصدر إزعاج لطهران، ومن بين الأوراق الأكثر إزعاجاً التنسيق السعودي التركي، الأمر الذي فرض على طهران البوح بذلك، فقال نائب وزير الخارجية الإيراني لشؤون آسيا إبراهيم رحيم بور: “إن إيران قلقة من هذا التقارب، لأنه يشكل ضغطاً ضد المحور الإيراني – السوري – الروسي”، مطالباً أنقرة بالابتعاد عن الرياض باعتبار الرياض هي المنافس القوي والغريم التقليدي لإيران في منطقة الشرق الأوسط.
التقارب السعودي التركي، وإمكانية الاشتراك في عمل عسكري بسوريا، يدل على تجاهل المحور السعودي التركي للتحذيرات الإيرانية، والمضي قدماً في وضع حد للتجاوزات الإيرانية بالمنطقة، فضلاً عن تأمين الحدود لكل منهما، وفرض رؤية مغايرة للرؤية الإيرانية الروسية في سوريا.
الخليج أونلاين