عقب شهور من حملة الضغط التي قادتها منظمة “أنقذوا الأطفال” وغيرها من المنظمات والأحزاب المعارضة تتجه الحكومة البريطانية لإقرار استقبال الأطفال السوريين الذين وصلوا الشواطئ الأوروبية ولا عائل لهم وإعادة توطينهم في المملكة المتحدة.
وأعلنت وزيرة التنمية الدولية بالحكومة البريطانية جيستن جريننج عزم لندن على استقبال الأطفال السوريين الذين وصلوا أوروبا دون تحديد عددهم، وهو قرار يأتي بعد شهور من الرفض الحكومي المطلق.
وكانت منظمة “أنقذوا الأطفال” غير الحكومية البريطانية التي تعد أكبر المنظمات المعنية برعاية الأطفال حول العالم قد دعت حكومة بلادها لاستقبال الأطفال السوريين الذين لا عائل لهم ممن وصلوا إلى أوروبا، وقادت حملة للضغط على الحكومة لاستقبال 3000 طفل تقطعت بهم السبل هناك.
توطين
وقالت مسؤولة المشاريع بوحدة الإعلام الدولي بمنظمة “أنقذوا الأطفال” نيرادا وليامز إنهم حثوا الحكومة على استقبال 3000 طفل من الذين وصلوا لأوروبا دون ذويهم ودون معيل وقادوا حملة للضغط على الحكومة لإعادة توطينهم في بريطانيا.
ورأت المسؤولة بالمنظمة في حديث للجزيرة نت أنه من الأهمية بمكان العمل على توفير المنازل لهم وتدريب مقدمي الرعاية من أجل استقبالهم على أفضل وجه.
وأضافت وليامز أن المنظمة تعتقد أنه على الحكومة البريطانية استقبال أكبر عدد من الأطفال الذين وصلوا أوروبا ولا معيل لهم عقب رحلة لاقوا فيها فظاعات وفروا من الصراع الوحشي في سوريا، حسب تعبيرها.
وأشارت إلى أنهم في منظمة “أنقذوا الأطفال” يعملون على تطوير الشراكات مع المنظمات العالمية من أجل ضمان توفير الحماية والرعاية للأطفال والدعم النفسي لهم لمساعدتهم في تخطي الصدمات النفسية التي مروا بها جراء التجارب القاسية التي عايشوها.
خطوة الحكومة البريطانية هذه، ورغم أنها ما زالت قيد الدراسة، تعكس استجابة حكومية للضغوط التي مارستها المنظمات الحقوقية والإغاثية.وإضافة للحملة التي تقودها منظمة “أنقذوا الأطفال” ومؤسسات حقوقية وإغاثية أخرى، قاد حزب العمال المعارض حملة للضغط على رئيس الوزراء البريطاني لاستقبال الأطفال اللاجئين الذين وصلوا أوروبا وتقطعت بهم السبل، واعتبر إيفيت كوبر رئيس فريق عمل الحزب المختص باللاجئين أن استقبال هؤلاء الأطفال هو واجب أخلاقي.
وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبا من الحقوقيين والنشطاء السوريين المقيمين ببريطانيا مع مطالبة بفتح الأبواب لعدد أكبر من اللاجئين الذين خاضوا رحلة الموت عبر البحار بحثا عن الحياة.
عمل إخلاقي
وقال بسام طبلية المحامي المختص بشؤون اللاجئين السوريين للجزيرة نت إن المملكة المتحدة كسائر الدول الأوروبية التي وقعت على معاهدة اللجوء عام 1951 التزمت باستقبال اللاجئين الذين يصلون لأراضيها، إلا أن المعاهدة لم تذكر في أي من بنودها مسألة إعادة توزيع اللاجئين بين الدول الأوروبية الأخرى.
وأوضح طبلية أن استقبال بريطانيا لـ3000 طفل لاجئ موجودين في دول أوروبية أخرى وإعادة توطينهم ببريطانيا يعد عملا أخلاقيا، لأن القانون لا يلزمها بهذا. ورأى الخبير القانوني أن هذه الخطوة تأتي أيضا للحفاظ على الاتحاد الأوروبي المهدد جراء ضغط اللاجئين على بعض الدول.
يذكر أن المملكة المتحدة تعهدت باستقبال عشرين ألف لاجئ سوري على مدار السنوات الأربع القادمة لتكمل هذا العدد في العام 2020 في وقت يستمر فيه الجدل بين رئيس الوزراء البريطاني الذي يرى أن الحل الأمثل هو دعم اللاجئين في المخيمات التي يتواجدون فيها بدول الجوار السوري بدلا من تشجيعهم على المخاطرة في رحلتهم إلى أوروبا، بينما ترى المنظمات الحقوقية والإغاثية أنه ينبغي استقبال اللاجئين وفتح الأبواب لهم.وحول العدد الذي ألمحت بريطانيا لاحتمال استقباله ومدى تلبيتهم لطموح السوريين قال المحامي طبلية إن قيام بريطانيا باستقبال 3000 طفل سوري وتأمين الرعاية لهم هو جهد مشكور رغم أن هذا العدد قليل جدا ولا يتناسب مع حجم وإمكانات المملكة المتحدة التي يجب عليها استقبال أكبر عدد من اللاجئين خاصة السوريين منهم.
المصدر: الجزيرة