منذ بداية اندلاع الثورة السورية عام 2011، سعى النظام السوري إلى استخدام القوة المفرطة بشتى أنواع الأسلحة الجوية والبرية ضد شعبه الذي خرج مطالباً بحريته وكرامته ، خلفت هذه الحرب على مدار السنوات الماضية مئات الآلاف من الأيتام والأرامل ، ناهيك عن الدمار الكبير في البنى التحتية حيث دمرت آلة الحرب مدن وقرى وبلدات بأكملها، أجبر السكان المحليين على النزوح لأماكن أكثر أمننا وهي الحدود التركية .
ويعيش أيضاً عدداً كبيراً من المدنيين من أغلب المحافظات السورية داخل محافظة إدلب كونها أصبحت الملاذ الأخير للناس ، وتعيش هذه العائلات ظروف إنسانية صعبة ضمن إدلب المدينة والمخيمات التي تم تجهيزها أو إنشاؤها لاستقبال هذه العائلات التي أجبرها بطش النظام و حلفائه على النزوح بشكل قسري .
وفي ذات السياق، أنشئت دور الأيتام و مراكز الإيواء لتقديم الرعاية والاهتمام لهم بعدما ما فقدوا إما آبائهم أو أمهاتهم ..
تحاول منظمات خيرية محلية تقديم المساعدات لهؤلاء الأيتام ولكن تبقى هذه المساعدات ضمن الحدود نظراً للأعداد الكبيرة والاحتياجات المتزايدة وقلة الجهات الداعمة والمناحة لهذه المشاريع .
وثقت منظمات حقوقية محافظة إدلب و أريافها تضم ” 37 ألف من النساء الأرامل ”و ” 190 ألف طفلا ” دون سن 18عام و يعيش نحو خمسة آلاف طفل موزعين على 24 دار لرعاية الأيتام في إدلب وأريافها يعيشون في هذه الدور، يتم تقديم الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات ضمن إمكانيات الجمعيات والمنظمات العاملة على الأرض.
ومن ضمن دور الأيتام في إدلب كان هناك (بيت العيلة ) تأسس عام 2014 ويوجد ضمن الدار “١٥ ” طفلا من عمر سنتين إلى ثلاثة عشر عاما .
يقدم لهم الاحتياجات والإقامة الدائمة والأنشطة الترفيهية،
وهذا ما أكده في تصريح خاص للمركز الصحفي السوري ” محمد حميدي “: مدير دار ”بيت العيلة ” جميع الكادر يقوم بتقديم الخدمات التعليمية والصحية والدعم النفسي والأنشطة بشكل مجاني و نحاول جاهدين تعويض الأطفال ماحرموا منه في ظل هذه الحرب، حيث تعمل الدار بشكل تطوعي ولا توجد أي جهة داعمة لها.
وأضافت أيضا ” حسناء دحنون” للمركز الصحفي السوري : يوجد ضمن هذه الدار نساء أرامل حيث تخضع النساء المقيمات ضمن الدار إلى دورات محو الأمية وتعليم مهنة الخياطة ومهن أخرى مما تساعد هذه التدريبات في تمكين النساء حتى يصبحن فاعلات في هذا المجتمع ويساهمن في صنع القرار.
ومن ضمن هذه النساء التقينا مع السيدة ” أم سيف ” التي كانت ضحية هذه الحرب مع أولادها السبعة ” أم سيف ” امرأة أربعينية مهجرة من معرة النعمان إلى مدينة إدلب ولجأت إلى دار الأيتام مع أطفالها كون لا يوجد لديها مأوى ذهبت إلى (بيت العيلة) منذ ما يقارب سنة وتحدثت” أم سيف”عن وضعها وعن تجربتها في (بيت العيلة) قائلة : أنا سعيدة هنا و تعلمت القراءة والكتابة وتعلمت مهنة الخياطة لمساعدة أطفالي وتقديم ما يحتاجون ، تستأنف ” أم سيف” حديثها : الخدمات والرعاية التي قدمت لها ولأطفالها والجو الأسري الذي يحيط بها والذي عوضها نوعا ما عن فقدان الزوج والمأوى .
وتعتبر شريحة الأيتام من الشرائح المجتمعية المهمة، إهمال هذه الشريحة دون رعاية يعتبر ظلم كبير وضياع لهم ولمستقبلهم، هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها العناية في الأطفال الأيتام.
الجدير بالذكر، يتوفر في بيت العيلة أنشطة وفعاليات خاصة بهم يقدم لهم القليل مما فقدوا في حياتهم لم تكن كافية لكنها تساعدهم وتقف جنبهم للخروج من جو الحرب والدمار والدماء الذي عانى منه أغلب نسائنا واطفالنا .
رغم محدودية عمل “بيت العيلة ” إلا أنه يعد إنجازًا كبيرًا في مجاله بسبب قلة هذه المشاريع ، حيث يحتاج موضوع الأطفال الأيتام لتكاتف كبير من قبل المنظمات و الجمعيات الآن العمل الفردي لا يفي بالغرض بسبب وجود أعداد كبيرة من الأيتام ولسد حالة النقص يسعى العاملون على “بيت العيلة” أن يكون البيت مؤسسة مكتفية ذاتياً عبارة عن مجمع يحوي مبنى مخصصًا للتعليم المهني تدرس فيه العديد من المهن العصرية، و أن يحوي في داخله مكانا لنوم ومسجدا للصلاة ومرافق رياضة ترفيهية لبناء الأطفال بدنيا والترفيه عنهم عبر إطلاق مشاريع مماثلة تهدف إلى مساعدة من فقدو آبائهم أو أمهاتهم ممكن ظلمتهم سنين الحرب وسرقت طفولتهم من حقهم العيش وتأمين لهم حياة كريمة .
وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” أنا و كافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار إلى إصبعيه” وذكر الكثير من الأحاديث النبوية والكثير من آيات القرآن التي تحث على أجر وعظمة كافل اليتيم .
بقلم : صفاء إبراهيم