” سرق ابني و هرب عند الفجر، عندما دخل الجيش الحر المدينة “، هكذا قالت فاطمة ذات الثلاثة عشر ربيعاً، من حلب، زوَّجها أهلها في بداية الثورة لشاب ٍ لا تعرف عنه سوى اسمه ” أبي سعد السوري ” .
لم تكن ” فاطمة ” تعلم عن الحياة الزوجية سوى فستان أبيض و سوار ذهبيّ حيث تروي قصتها بحسرةٍ قائلة : أخوتي كانوا يرابطون على الجبهات، والديّ كانا يذهبان باستمرار إلى مناطق النظام من معبر بستان القصر لتفقد أملاكنا هناك ، و خوفًا عليّ من الخطف أو التحرش على حواجز النظام زوّجوني لصديق أخي، و لم يمضِ عام حتى رزقت بطفل، كان أجمل فرحة لي وهبتني اياه الحياة.
لكنّ القدر لم يكمل لفاطمة فرحتها لتستيقظ يوماً على خبر هروب زوجها آخذاً معه الطفل، ليتبيّن أنه من مقاتلي تنظيم الدولة، هرب بعد سيطرة الجيش الحر على المدينة.
” فاطمة ” اليوم و بعد سبع سنوات، لا تعلم مصير ابنها، تعتقد أنه ربما في الروضة أو المدرسة، إن كان حيّاً على كل حال “، هكذا قالت و الدمع يسيل على وجنيتها، هي الآن أمٌّ لثلاثة أطفال بعد أن زُوّجت من رجل أربعينيّ لديه زوجة و أطفال ..
لم يكن اختيارها، كما لم يكن زواجها الأول لكنها -كما قالت -لا تجرؤ على الاعتراض، لا أعرف عن الحياة غير الطبخ والنفخ والأولاد، أحاول استرجاع معلوماتي في القراءة والكتابة لأستطيع البحث على النت لعلّي أجد خبراً أو أثراً لابني.
لقد ساهمت الحرب في سوريا في تفاقم ظاهرة الزواج المبكّر لأسباب عديدة، كحياة النزوح المتكرر و اللجوء القسري والفقر وانقطاع التعليم وغيرها .
ففي دراسة أعدّها المركز السوري للدراسات والأبحاث عام 2015، بيّنت ارتفاع نسبة الزواج المبكّر في سوريا من 7% إلى 30 %، و النسبة في ازدياد يُتوقع أنها وصلت لأكثر من 50 % في عامنا الحالي، غير أنّ عقود الزواج في الشمال السوري تجري خارج نطاق المحكمة مما يحرم الفتيات فرصة الحصول على حقوقهنّ وتسجيل أبنائهنّ، و هنا لابدّ لنا من وقفة لإيجاد حلٍّ جذريٍّ لهذه المشكلة المتفاقمة .
يجب أن تتضافر جهود المنظمات و الهيئات الإنسانية لتقديم الخدمات اللازمة للاجئين والنازحين وتوفير الأمن في مخيمات اللجوء و استقرار التعليم، إضافةً إلى توعية المجتمع عن مخاطر الزواج المبكّر ونتائجه السلبيّة .
بقلم : إيمان هاشم