إنها لموجعةٌ هذه الدنيا حينما تأخذ من البشر أغلى ما يملكون.. تأخذ أولادهم فلذات أكبادهم، حينها من الصعب علينا أن نتقبل الموت الذي لا مفر منه.
أم علي “ريف إدلب، 60 عاماً” كان لزاماً عليها أن تواجه خبر وفاة ابنها الشاب خالد “34 عاماً” وابنتها صفا “38 عاماً” في بلدتهم الهبيط بريف إدلب الجنوبي، بلوعة وصدمة ووجع كبير في شهر أيلول عام ٢٠١٦.
بعد عودة أم علي وابنتها صفا من السعودية عام ٢٠١٦ بشهر يناير تعرضت بلدة الهبيط لقصف شديد، تقول أم علي ذات الوجه المدور الحزين والذي خط الزمن ملامح التعب والقهر عليه “فاقت صفا الصبح كتير ضرسها عم يوجعها وطلبت من أخوها خالد ياخدها ع الدكتور بضيعة جنبنا اسما الشيخ مصطفى”، موضحةً بأن عودتها من السعودية بعد زيارة أولادها الذين يقيمون هناك كان غلطة دفعت ثمنها غالياً ولكن الشوق لأولادها في سوريا دفعها للعودة لرؤيتهم خاصة في ظل ظروف الحرب الظالمة.
تتابع “أم علي” حديثها وقهر الأيّام يسكن في عينيها البنيتين وكأن الزمن يقف عند ألم قلبها ووجع روحها مستذكرةً تفاصيل مصابها الجلل، والذي أفقدها ابنها وابنتها في نفس اليوم واللحظة،”رجعو من عند الدكتور خالد وصفا وبعدا ركضوا ليدخلوا الملجأ بس طيارة الميغ كانت أسرع وقصفت الحارة بالصواريخ” مبينةً استشهاد صفا مباشرة عند الظهيرة واستشهاد خالد أثناء العميلة في مشفى خان شيخون بعد أخته بساعتين إثر الإصابات البليغة التي سببتها الشظايا.
“صفا دفنوها الضهر وخالد دفنوه العصر بنفس اليوم ياريتني متت معهن” تقول أم علي وحرقة الفراق تكوي قلبها وتشوه روحها، فخالد هو أب لطفلين أما صفا فهي شابة لازالت في مقتبل العمر.
كسر فراق خالد وصفا قلب أم علي وأوجع كيانها فأصبحت منطوية على نفسها شاردة الذهن دائماً، متعبة القوى.. فرحيل أولادها أكبر من تحملها وفاق قدرتها، “الله ينتقم من بشار ويحرمو من ولادو متل ماحرمني من ولادي وحرم الأمهات من ولادون” هذا كان دعاء أم علي عندما عجزت عن متابعة حديثها لتمسح دموعها المنهمرة كالشلال لفراق مالم يكن في الحسبان.
هي الحرب الشرسة التي مازالت مستمرة.. تسلب من الناس أغلى ما لديهم أطفالهم وذويهم وأقاربهم لتحطم في أرواحهم الكثير من الأمل والسعادة وتسرق منهم سنين عمرهم بين نزوح ولجوء واعتقال وقهر وتشريد…
قصة خبرية/ خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع