“أتمنى أن أرى بعيني مرة أخرى، وأطلب ممن أراد التكفل بعلاجنا أن يكمله للأخير”
كلمات بريئة جاءت على لسان سعاد (اسم مستعار)، فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها، تقطن أعالي جبال الريف المغربي، فقدت بصرها منذ أيام الدراسة في المرحلة الابتدائي، هي من أسرة تتكون من أم وأخ وأخت أخرى لم تسلم هي الثانية من العمى.
كريمة (اسم مستعار) فتاة في الخامسة والعشرين من العمر، أصيبت بالعمى هي وأختها، عندما كانتا طفلتين صغيرتين، وانقطعتا عن نور العالم، لم تستطيعا العيش بشكل عادي، فقد انقطعتا عن الدراسة وهما طفلتان، ولم تتمكنا من إتمام الدراسة ولا حتى تلقي العلاجات الضرورية.
بسبب الفقر والتهميش الذي تعانيه الأسرة، وبقيتا كذلك لفترة طويلة من الزمن، تقول أم الفتاتين: “نحن هنا فقراء جدا، مغلوب على أمرنا، أنا أيضا أستعمل الكثير من الأدوية، أحمد الله دائما وأبدا، وأرجو من المحسنين النظر في حالنا”
اقرأ أيضاً: فقدت زوجها وأثبتت أنها أهلٌ للمسؤولية والنجاح
وتسترسل في كلامها بملامح يكسوها الحزن والأسى قائلة “كانتا تُبصران في الصغر، لكن الآن لا بد من وجود أحد معهما ليساعدهما، في إحدى الأيام كانت سعاد في المدرسة وعندما خرجت من المدرسة، أضاعت طريقها للمنزل، وتوجهت للغابة، ذهب أخوها سريعا واصطحبها معه، ابنتاي لاتستطيعان البقاء وحدهما”
هي معاناة تعيشها الأختان المكفوفتان منذ مدة طويلة، لا تستطيع الأم تركهما للحظة خوفا من أي خطر يتربص بهما، فلا بد لهما ممن يرشدهما ويساعدهما دوما.
تقول الأخت الصغيرة كريمة بنبرة يكسوها الأمل “نحن الاثنتان لا نبصر وأمنا تلازمنا طيلة الوقت، إنني متشوقة للرؤية كثيرا، أتمنى كثيرا أن أبصر، فالذي لايبصر كأنه لا يعيش، نعمة البصر لا يعوضها شيء حقا، ورغم حالتي إلا أنني أقوم بكثير من الأعمال المنزلية بإحساسي وتذكري لمكان الأشياء والأغراض أفعل الكثير.. أغسل وأرتب .. لكن يوجد صعوبات ”
ليس من السهل أن يعيش الإنسان ضريرا، وكذلك في حالة صعبة من الفقر والإقصاء، لتتحول المعاناة الى ضعفين، بين رؤية الظلام والفقر والتهميش .
وما زالت الفتاتان تناشدان الجمعيات الحقوقية وتنتظران من يخرجهما من وطأة الظلام الى النور.
يوجد العديد من المكفوفين، ينتظرون من يمد لهم يد العون ويساعدهم على التغلب على معاناتهم الصعبة، فللعميان أيضا عقل يتعلم، وأيادٍ تتدرب، وأحلام يريدون نسج خيوطها على أرض الواقع.
أضبيب صليحة
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع