نشرت صحيفة “ترود” الروسية تقريرا تطرقت فيه إلى انعكاسات نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أسفرت عن فوز دونالد ترامب، في الساحة الأوروبية؛ لافتة إلى ظهور “ترامب” فرنسي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي نشرته وكالة “روسيا اليوم” إن “انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، رغم إرادة الأوليغارشيين، له تأثير نفسي في أوروبا؛ حيث يلاحظ الميل نحو اليمين، وترشيح سياسيين تحدثوا عن فقدان السيادة والمصالح الوطنية والقيم التقليدية”.
وتابعت: “بدأ نهج الغرب الثابت بشأن العولمة وحماية الأقليات والوحدة الأور-أطلسية يتغير بإضافة التفكير السليم إليه. وإن أول دولة أوروبية تنتظر هذه التغيرات، ستكون فرنسا بعد أن ظهر فيها “دونالد ترامب” فرنسي هو رئيس وزرائها السابق فرانسوا فيون.
وأشارت إلى ما أسمتها “المفاجأة الرئيسية” التي حدثت داخل المعارضة الفرنسية اليمينية (الحزب الجمهوري)، فكانت خروج نيكولا ساركوزي من المنافسات؛ ما اضطره إلى إعلان اعتزاله العمل السياسي.
وأوضحت أن “نتائج استطلاعات الرأي، التي أكدت فوز عمدة مدينة بوردو آلان جوبيه (67 سنة)، هي الأخرى ستصبح هامشية؛ لأن فرانسوا فيون الذي لم يكن ذا اعتبار، اكتسح الانتخابات التمهيدية، وحصل على 44 في المئة من أصوات أكثر من أربعة ملايين شخص، لم يكونوا جميعا أعضاء في الحزب. أي إنه حصل على دعم النشطاء في المجتمع الفرنسي”.
ونقلت عن صحيفة “لوموند”، أن من بين أسباب فوز فيون هو شخصيته (صدقيته وولاؤه للتقاليد والمبادئ وأفكاره الواضحة وسمعته النظيفة)، وكذلك إمكانية تنفيذ برنامجه الاقتصادي، فيما قال رئيس تحرير صحيفة “لوفيغارو”، إن فيون “أكثر ثباتا من جوبيه، وهادئ أكثر من ساركوزي. فيون هو تجسيد “لهدوء اليمينيين”، والآن هو في انتظار مواجهة مصيره”.
وذكرت أن “جميع من التقى فيون شخصيا، يمكنهم تأكيد هذه الصفات. فهو كسياسي ثابت في قناعاته، حتى إذا كانت غير جديدة في فرنسا المعاصرة (على سبيل المثال هو كاثوليكي ومعارض لزواج المثليين)”.
وبحسب وسائل الإعلام، فإن أهم ما يختلف به عن بقية السياسيين: هو علاقاته الجيدة مع فلاديمير بوتين. وهذا، وفق التيار السياسي الرئيسي في الإعلام، خطيئة كبرى؛ حيث لم تنشر مقالة ولم يبث برنامج تلفزيوني من دون الإشارة إلى أنه منذ عام 2008 عندما كان رئيسا للحكومة الفرنسية وبوتين رئيسا للحكومة الروسية، وإلى الآن يخاطبان بعضهما بعضا كأصدقاء بصيغة المفرد. وأي فضيحة أثارتها وسائل الإعلام، عندما كان فيون يجلس إلى جانب بوتين عام 2013 في نادي “فالداي” الدولي للحوار، ويخاطبه “عزيزي فلاديمير”.
كما نقلت عن صحيفة “الإكسبريس” أن فيون قال: “نحن لسنا أصدقاء” ولكنه استدرك فورا، وقال: “أتمنى أن نكون كذلك”.
وأوضحت الصحيفة أن فيون يدعو دائما إلى “أوروبا من المحيط الأطلسي إلى الأورال” وإلى “اتفاقية الشراكة التاريخية”، حتى في الوقت الذي كان فيه الاتحاد الأوروبي غاضبا من موسكو.
وشدد فيون على ضرورة إقامة تحالف استراتيجي مع روسيا من أجل استقرار أوروبا. وكذلك دعا إلى إلغاء العقوبات والتعاون مع روسيا ضد الإرهاب في سوريا، حتى إذا تطلب الأمر التعاون مع بشار الأسد.
وتشير “لوفيغارو” إلى أنه نتيجة لذلك “ستكون المناظرات مركزة على السياسة الخارجية لفيون، بعد أن حولوه إلى “صديق للوحشين – بوتين والأسد”.
وختمت بقولها إذا تمكن فرانسوا فيون من التقدم على آلان جوبيه في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية، فلن يتمكن أحد من الوقوف أمامه في الطريق إلى الإليزيه. خاصة أن الاشتراكيين خيبوا الآمال، واليمين المتطرف رغم برنامجهم القريب من برنامج فيون لا يزالون يخيفون الناخبين.
ويعتبر العديد من المراقبين والسياسيين أن برنامج رئيس الحكومة الفرنسية السابق، “محافظ جدا” و”خطير” لانكماشه على مفهوم ضيق للهوية.
ورجح كثيرون أن فوزه المفاجئ في الدورة الأولى يعود لاستقطابه شريحة كبيرة من المصوتين، أغلبها من الكاثوليكيين المحافظين بمختلف شرائحهم وبينهم المناهضين للإجهاض وزواج المثليين.
ومن المواضيع التي أثار من خلالها فيون الجدل، مسألة الدين، وبالتحديد الإسلام. الذي لم يتردد في التصريح بشأنه؛ ففي أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، قال إنه “لا توجد هناك مشكلة دينية في فرنسا” ولكن “هناك مشكلة ترتبط بالإسلام”.
وتابع قائلا إن “الشمولية الإسلامية هي العدو”، في إشارة لكتابه الصادر بعد اعتداء نيس الذي هز فرنسا في يوليو/تموز الماضي، بعنوان “هزيمة الشمولية الإسلامية”.
عربي 21