مع عودة الأهالي تدريجيًا إلى منازلهم وأراضيهم في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي بعد سنوات طويلة من التهجير، برزت أزمة شحّ المياه كأحد أبرز التحديات التي تهدد استمرار النشاط الزراعي، وتشكل عبئاً إضافياً على المزارعين الذين يعولون على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش
في هذا السياق، أوضحت المهندسة بشرى سليمانو، رئيسة الوحدة الإرشادية في قرية المريج، أن مديرية الزراعة وضعت جملة من الإجراءات للتعامل مع هذه المشكلة، أهمها ترشيد استهلاك المياه، وتشجيع المزارعين على الاتجاه نحو المحاصيل البعلية والزراعات الأقل احتياجًا للمياه، إلى جانب التوسع في استخدام تقنيات الري الحديث مثل الري بالتنقيط، الذي يوفر ما بين 30 إلى 60% من المياه مقارنة بالطرق التقليدية
وأضافت سليمانو أن المنطقة تضم نحو 160 بئرًا ارتوازيًا بحاجة ماسة لإعادة التأهيل، مشيرة إلى أن هذا الملف مدرج ضمن خطة المديرية في المرحلة المقبلة، إلى جانب دعم مشاريع حصاد المياه من خلال إنشاء البرك والسدات المائية على مجاري الأنهار والسواقي لاستخدامها في الري وسقاية المواشي
المزارعون العائدون تحدثوا عن معاناتهم مع نقص المياه، حيث قال المزارع محمد حمدو إن العودة إلى الأرض تمثل فرحة لا تعادلها فرحة بعد معاناة قاسية عاشها الأهالي خلال فترة النظام البائد، إلا أن الجفاف وتراجع الأمطار فرضا واقعًا صعبًا جعل من نقل المياه من نبعة سلمى إلى القرى عملية مرهقة ومكلفة ماديًا
بدوره شدد المزارع مفيد السعيد، المقيم في المنطقة منذ 25 عامًا على أن استقرار العائلات العائدة مرهون بتأمين الخدمات الأساسية وعلى رأسها المياه، لافتًا إلى إمكانية إعادة تشغيل خطوط المياه القديمة مثل خط حزيرين والوادي الأزرق خلال فترة وجيزة، إذ إن البنية التحتية من محطات وقساطل ما زالت موجودة وتحتاج فقط إلى تركيب مضخات للضخ
وحذّر السعيد من الاعتماد المفرط على نبعة سلمى كمصدر وحيد للمياه يغذي معظم قرى جبل الأكراد، خاصة مع التراجع الكبير في تدفق الأنهار والينابيع نتيجة شحّ الأمطار في السنوات الأخيرة
وتبقى أزمة المياه في ريف اللاذقية أحد أبرز التحديات الراهنة، ما يضع أمام الجهات المعنية مسؤولية الإسراع في إعادة تأهيل شبكات المياه القديمة، وتوسيع مشاريع الري الحديث، واستثمار مصادر جديدة لحصاد المياه، بما يضمن للأهالي استقرارهم ويدعم إعادة إحياء الزراعة كركيزة أساسية للاقتصاد المحلي