يودع السوريون عاما كان حافلا بإنجازات دموية من قتل و تشريد و تعذيب، عاما فقدوا به وطنا و أحبابا و أقارب لتصبح أيامهم و أعوامهم متشابهة بعد أن اعتادوا حياة الحرب و مشاهد الدمار التي طالت البشر والحجر و حتى الشجر.
عام جديد يلوح بالقدوم و قلوب السوريين حزينة بعد أن أنستها الحرب فرحة الأعياد، إذ كانوا يعيشون بجو من الألفة و المحبة و الإخاء و يتشاركون مع إخوانهم المسيحيين طقوس احتفالاتهم بالميلاد المجيد التي اقتصرت بفعل الأزمة على بعض الصلوات و الأدعية.
بينما يقضي معظم السوريين وقتهم بتحصيل لقمة عيشهم، يستقبل الجنود الروس في سوريا شجرة عيد الميلاد التي وصلتهم إلى مطار حميميم في اللاذقية عبر طائرة نقل روسية، و يبلغ طول الشجرة 12 مترا وذلك حسب ما نقلته قناة روسيا اليوم.
لم ينس نائب وزير الدفاع الروسي الاهتمام بتفاصيل الاحتفالات، فقام بإرسال أشهى أنواع الأغذية و المشروبات ليحظى جنوده بكامل حقوقهم في الاحتفال بعيد الميلاد، بينما تسببت الحرب بتجويع ملايين السوريين الأبرياء متناسين أعمالهم الإجرامية في قتلهم وتدميرهم .
لطالما كانت ” شجرة الميلاد ” رمزا للسلام و الأمن، رمزا للنقاء و الخلود، لتقلب روسيا المعايير و تناقض نفسها عبر المجازر التي ترتكبها بحق السوريين دون رادع، وكان آخرها مجزرة مدينة ادلب و التي راح ضحيتها 100 شهيد و 250 جريحا.
في وقت تنفق فيه روسيا ملايين الدولارات لتوفر لقواتها في سوريا طقوس الاحتفالات لإسعادهم ومكافأتهم على جهودهم الجبارة في قتل المدنيين، تخسر سوريا بالمقابل مئات الأرواح عبر الهدايا الروسية التي تلقيها بشكل يومي دون الحاجة لمناسبة .
لم يكن النظام السوري أفضل حالا فقد تم إضاءة شجرة الميلاد في معظم المدن السورية الخاضعة تحت سيطرته لتكون أكبرها في مدينة درعا مهد الثورة السورية بطول تجاوز 16 مترا، وتجاهل بشار الأسد دماء السوريين الطاهرة ليظهر عبر وسائل الإعلام مع زوجته في زيارة قام بها لكنيسة سيدة دمشق ليوهم للعالم أجمع أنه رمز للسلام و المحبة لكن آمال السوريين المحطمة تحكي غير ذلك .
و قد توجه صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي الكلّي الطوبى، بالرسالة السنوية لمناسبة عيد الميلاد و قال فيها :”إن كان زمن الميلاد زمن السلام والرجاء والأمل بولادةٍ جديدةٍ للإنسان، فإنّ عالمنا الحاضر بأمسّ الحاجة لكلّ بصيص أملٍ نوفّره لبلداننا وشعبنا المضطهَد والمهجَّر والمقتلَع قسراً من أرض الآباء والأجداد، ليس لذنبٍ سوى أنه مؤمنٌ بمعجزة الميلاد، لقاء الله مع الإنسان”.
لطالما كان ” بابا نويل” أو “سانتا كلوز” محبوب الأطفال و الكبار بشخصيته الخيالية التي ينتظرونها كل عام كي ينالوا بعض الهدايا ليستقبلوا بها عامهم الجديد، و يحملونه أمنياتهم و طلباتهم آملين أن يحققها لهم في العام القادم، لكن أنست الحرب ملايين السوريين هذه الطقوس، متمنين أن تكون شجرتهم مضاءة في الجنة مع أحبتهم الذين سبقوهم.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد