أورينت نت
تزوجت في بداية الثورة، أنجبت شذا، ذهبت إلى اللاذقية منفردة من أجل تسجيل ابنتها في دائرة الأحوال المدنية، اختطفتها عناصر النظام في قرية (بيت ياشوط)، مضت سنة ولم يعرف أحد شيئا عنها أو عن ابنتها.
(أبو شذا) يقف عاجزا، لا يستطيع فعل أي شيء، ولا يستطيع اللحاق بزوجته وابنته للبحث عنهما لأنه من قرى الريف الذي يخضع لسيطرة الجيش الحر، ومعظم أبناء القرى مطلوبون لأمن النظام.
حتى أقاربه في المدينة لا يردون على اتصاله بهم، لأن الخطوط مراقبة، ويتم القبض على كل من يتواصل مع أحد في المنطقة.
لا مرجعية لتسجيل المستجدات
يقول الزوج المكلوم (أبو شذا) بحرقة: “ماذا أفعل، من المسؤول، انا لم أحمل بندقية، وكل ذنبي أنني بقيت مقيما في قريتي، وأردت أن أسجل ابنتي بشكل نظامي في دوائر الدولة لإثبات أنها كائن حي موجود”.
وأضاف: “منطقتنا تخضع اسميا لما يسمى الائتلاف المعارض وهو المسؤول عن المناطق التي يحررها الثوار وتخرج عن سيطرة النظام، ونحن مع الثورة ولكن الائتلاف لم يقدم لنا شيئا، من واجبه أن يثبت أهليته، وينظم دائرة للأحوال المدنية لتسجيل المواليد الجدد، ماذا تفعل الحكومة المؤقتة بشكل عام ووزارة الإدارة المحلية بشكل خاص”.
وتحدث (ابو محمود) عن معاناته في تأمين (الوثائق الرسمية) قائلا: “لقد هربت من مدينة اللاذقية في بداية الحراك المسلح ضد عصابات الأسد، وجئت إلى القرية، والتحقت بالجيش الحر وخطبت وتزوجت، ولا يوجد أي وثيقة تثبت زواجي ومهر زوجتي أو نسب طفلي سوى شهادة الناس، لا يوجد دائرة لتسجيل عقود الزواج، أو محكمة شرعية لإثبات النسب، أو لعقد القران، وإن حصل لي أي مكروه يمكن أن تضيع حقوق زوجتي ونسب طفلي”.
غابت المؤسسات عن المناطق المحررة في ريف اللاذقية، وازدادت معاناة المواطنين وتعمق خوفهم من عمليات البيع والشراء، ولم تنفع جهود منظمات المجتمع المدني في إيجاد مكاتب للإحصاء والتوثيق، تكون بديلا عن مؤسسات الأسد الفاسدة.
تقصير مؤسسات المعارضة
(أبو محمد) يقول: “لقد اشتريت عقارا من جاري صطوف الذي اصطحب عائلته وسافر تهريبا إلى السويد، كتبنا عقدا فيما بيننا، ولكن هذه الورقة لا تمكنني من نقل الملكية، لا يوجد دائرة عقارية يمكن نقل الملكية فيها، ولا يوجد كاتب بالعدل بالمنطقة.
وحمّل (أبو محمد) المسؤولية عن ذلك لرجالات السياسة في المعارضة السورية الذين لا تتوفر لديهم إرادة تنظيم دولة لإدارة المناطق المحررة، والمجلس المحلي لمحافظة اللاذقية لم يقم بأي عمل تنظيمي في المنطقة.
يشير المحامي (معين) إلى أن تركيبة مؤسسات المعارضة فشلت في حل مشاكل الناس، حيث لم يستطع الائتلاف أن يأخذ دوره كمجلس تشريعي يقر القوانين الواجبة التطبيق في المناطق المحررة، ولفت إلى أنه لم يسع لتكوين مؤسسة قضائية مستقلة، تستطيع العمل مع قوة تنفيذية.
وأخذ على الحكومة المؤقتة أنها “لم تسع لبناء مؤسسات معترف بها تستطيع اكتساب ثقة الناس، كدوائر الأحوال المدنية أو دائرة المواصلات لتسجيل السيارات ونقل ملكيتها أو دوائر عقارية أو دائرة هجرة لتنظيم جوازات السفر أو تجديد الجوازات المنتهية الصلاحية”.
بات مواطنو ريف اللاذقية، كأغلب السوريين، يعيشون في سجن كبير، فهم لا يستطيعون الذهاب إلى مناطق النظام ولا يستطيعون الخروج من المعابر إلى الدول المجاورة.