في مثل هذه الأيام، وقبل تحويل نظام الأسد المدارس لمعتقلات وثكنات حربيّة، كان الطلبة في سوريا ينتظرون وبشغف يملؤه الأمل، لوائح نتائج الامتحانات الدراسية في منتصف العام. لكنهم اليوم بالتوقيت ذاته وبرعب حذر وبيأس مطبق، ينظرون مع الأمهات والآباء قوائم الناجين من لوائح الإرهاب الصادرة عن المملكة الأردنية وبإشراف دولي.
ويتساءل مراقبون عن موقع بشار الأسد ومليشيا حزب الله اللبناني من تلك اللوائح، ذاك “الطالب العاق الذي أغرق سوريا بالإرهاب، ثمناً لبقائه”، وهل ينحصر الإرهاب في الفكر الإسلامي السني الذي يشكّل المعتقد الديني عند الأغلبية في سوريا؟
وهل تصريح عادل الجبير وزير الخارجية السعودي بأنّ على الأسد التنحي إما سياسياً أو بإجباره عسكرياً، استعراض سياسي، أم أنّه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا اتفاق دوليّ تعبّر عنه السعودية، ومن ثم، ما يقوله الجبير، هو ما سيحدث وليس ما يفكر به.
من جهته، رأى هشام مروة نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري أن “تصريحات الجبير لا ربط بينها وبين أهداف التحالف العربي الإسلامي فلا يوجد ربط بينهما البتة”. في حين اعتبر عبد الرحمن الحاج، الخبير السياسي وعضو الأمانة بالمجلس الوطني، أن كلام الجبير “يدل على أن هناك توافقاً دولياً على إسقاط الأسد، فالجبير يتكلم باسم التوافق الدولي وليس باسم السعودية فقط”.
– الدافع
ويتساءل مراقبون، هل فقدان دول الإقليم الثقة بجدية الأسد وحلفائه بالوصول لحلّ سياسي، هو ما دفعهم لتحويل مؤتمر الرياض من “صك” بلا رصيد، إلى “صك” برصيد عسكريّ قادر على فرض شروطه في اجتماع “فيينا” المزمع عقده الشهر المقبل، خاصة بعد رفض إيران والروس ونظام الأسد المفاوضات مع مؤتمري الرياض ووصفهم بـ”الإرهابيين”. أم أن التحالف الإسلامي العربي دافعه التوغل “الشيعي” الذي يشكل تهديداً مباشراً للبعد الأيديولوجي لقادة التحالف في المناطق المجاورة لبلادهم؟ وماذا عن سياق هذا التحالف وكيف يُقرأ في فلك المتغيرات والتحركات السياسية الخاصة بسوريا، وهل يمكن أن تكون سوريا هي الخطوة الأولى لقوات التحالف في معالجة الواقع في المشرق العربي؟
وحول التوقيت والدافع الذي دفع السعودية لقيادة التحالف العربي الإسلامي، اعتبر هشام مروة نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري بتصريح خاص لـ “الخليج أونلاين” أن تطور الإرهاب أمر خطير بالنسبة للسعودية وباقي الدول، خاصة بعد أخذه تشكيلات مختلفة، فأصبحت معالجته واقعاً مفروضاً وعملاً استراتيجياً لمصلحة المنطقة ويؤدي لإعادة توازنها”.
في السياق ذاته، يعتقد عبد الرحمن الحاج الخبير في الجماعات الإسلامية والسياسية، أثناء مقابلة خاصة أجراها معه “الخليج أونلاين” أن التحالف الإسلامي العربي، هو ردة فعل طبيعية تجاه السياسات اللامبالية بمصالح المشرق العربي، إضافة للتخوف السني من نتائج النزاعات التي تصنعها إيران، تحت إطار طائفي يعزز الإرهاب ويغذيه في المنطقة”. هذا وتابع الحاج: “ليس بالإمكان تجنب قراءة هذا الحدث بعيداً عمّا يجري في سوريا والتحركات السياسية الأخيرة، لذا وبدون أدنى شك، فإن سوريا ستكون محور الاهتمام الرئيسي لهذا التحالف العربي الإسلامي، إذا ما حصل بالمستقبل القريب أي تحرك عسكري ما”.
وأضاف الحاج لـ”الخليج أونلاين” أن أحد أهم الدوافع لتوقيت إنشاء هذا التحالف “هو وجود شبه اتفاق لدى المراقبين والسياسيين على أن مفاوضات فيينا لن يكتب لها النجاح، وذلك بسبب عدم جدية الأطراف الداعمة للنظام وعلى رأسها الاحتلال الإيراني والروسي في الوصول إلى حلّ سياسي”.
– الهدف
استبعد نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري بتصرح خاص لـ “الخليج أونلاين” أن يكون نظام الأسد جزءاً من أهداف التحالف الإسلامي، فقال مروة: “معاييرنا كمعارضة تضع بشار الأسد ضمن قوائم الإرهاب نتيجة دعمه وتورطه بجرائم حرب ضد الإنسانية، ولكن هدف التحالف هو مكافحة الإرهاب ومكافحته بالنسبة للدول المشاركة، تقتصر على التنظيمات المتطرفة وبالدرجة الأولى تنظيم داعش، أما الأسد فلا أتوقع أنه في الأهداف المدرجة، فالواضح أن أهدافهم هي التنظيمات الإرهابية، ويسرنا أن يصنف حزب الله في هذه التنظيمات”.
وأكد عبد الرحمن الحاج لـ”الخليج أونلاين” عدم استثناء قوات الأسد ونظامه من الضربات العسكرية الكفيلة بإسقاطه، وقال: “تصريحات الخارجية السعودية بوجوب رحيل بشار الأسد سواء بحل سياسي أو بالقوة العسكرية لا تأتي من فراغ، ولكنه توافق دولي على إسقاط الأسد.
هذا التحالف سيشكل دوراً رئيسياً ويلعب دوراً هاماً بالمرحلة المقبلة في سوريا، والحرب على الإرهاب والأطراف الدولية المغذية له، ستكون المركز الأساس لاهتمام هذا التحالف”. وأشار الحاج: “باختصار، هذا التحالف لا يتعلق بسوريا فحسب، بل يشمل كل المناطق الأخرى كالعراق وليبيا وغيرها”.
في حين أكد مصدر رفيع المستوى بالمعارضة السورية، بأنه “ليس بإمكان أحد الآن، مطالبة التحالف باستهداف نظام الأسد، والشيء الوحيد الذي يمكننا أن نقوم به، هو أن نطالبهم بدعم الثوار فقط، فحملة التحالف الإسلامي لن تشمل إلا إرهاب التنظيمات المتطرفة”.
– الكيفية
من جانبه، أفاد الحاج بقوله: “إن شكل التدخل العسكري في سوريا، لا نستطيع التنبؤ به الآن، لكن إذا ما قامت الدول بالتدخل العسكري، فسيكون ذلك على الأصعدة كافة، الجوية والبرية ومن خلال مد المقاتلين السوريين بالأسلحة الكفيلة لردّ الطائرات الحربية للنظام والروس”.
وتابع الحاج: “سيكون هناك تنسيق كامل ما بين قوات التحالف الدولي والتحالف العربي الإسلامي في محاربة تنظيم داعش الإرهابي الذي يعتبر نصف المشكلة في الملف السوري”، مشيراً إلى أن “مشاركة 34 دولة بقيادة السعودية وتركيا، بالإضافة إلى وجود باكستان الدولة النووية المحاذية لإيران من الطرف الشرقي الجنوبي، يدلّ على أنّ المعركة كفيلة بتغيير المعادلة العسكرية والسياسية على الأرض”.
– معايير تحديد الإرهاب
أشار الحاج بقوله: “لا أحد يستطيع الجزم بالمعايير المستخدمة في تحديد الفصائل الإرهابية، ولكن الارتباط بالقاعدة، وكل تنظيم أجنبي من خارج سوريا، سيكونان أحد المعايير الأكثر تأثيراً في تحديد الفصائل الإرهابية”. لكن الحاج استبعد وضع حزب الله الإرهابي في قوائم الإرهاب، ومضيفاً: “أنا غير متفائل وغير متوقع ذلك، ولكن إذا وضعت المليشيات الشيعية الآتية من إيران والعراق والأفغان في قوائم الإرهاب، فسيكون ذلك إنجازاً كبيراً. وفي حال لم يوضع حزب الله الإرهابي بقوائم الإرهاب، فإن ذلك محاباة للإرهاب، وتعزيز لفرضية الإرهاب السني وفرضية استهداف المسلمين السنة في العالم”.
في السياق، استبعد الحاج “أن المتحالفين مع جبهة النصرة ستندرج أسماؤهم ضمن قوائم الإرهاب، فالتعامل بهذه الطريقة غير واقعي، لأن تحالفهم مع الجبهة تكتيكي وليس استراتيجياً، ويقتصر على غرف العمليات فقط. والمجتمع الدولي أثناء تحديده قوائم الإرهاب، يتعامل مع فصائل مستقلة وليس مع غرف عمليات”. لكن الحاج أشار أثناء لقائه مع “الخليج أونلاين” إلى أن المتحالفين مع الجبهة مضطرون لفك الارتباط مع غرف العمليات التي تجمع بينهما بالسرعة القصوى، فمجرد الاتفاق على قوائم الإرهاب سيتبناها المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية، ما سيؤثر على جميع التحالفات وغرف العمليات في الأرض”.
الخليج أونلاين