لطالما انتظر الشعب السوري الذي أرهقته حروب وصراعات دامية، سلاما منتظرا ينجي من ويلات الحرب، تاركاً مهمات كبيرة على عاتق الصحفيين، سواء كانوا من داخل سوريا أم من صحفيي العالم لينهضوا بهم عبر توثيقهم للحقائق والأحداث، فهم، ولا أحد غيرهم، شهود عيان للحقيقة التي علت عليها سمات جرائم الحرب في زمن أصبح فيه طلب الحقيقة محفوفاً بالمخاطر وبالكثير من المتربصين ممن يشكلون عائقاً كبيراً أمام كشف الحقائق.
سوريا هي أخطر مكان في العالم لعمل الصحفيين منذ أكثر من عامين وفقاً للجنة حماية الصحفيين المعنية بحماية الصحافة حول العالم ومقرها “نيويورك”، حيث أكدت اللجنة أن 69 صحفيا، على الأقل، قتلوا كنتيجة مباشرة لتغطية الصراع منذ عام 2011، ومعظمهم لقوا حتفهم في تبادل لإطلاق النار.
دفعوا حياتهم ثمناً لكشف الحقيقة، غير أن أهل المهنة لم ييأسوا ومازالوا يعملون في الإعلام وتشكل أقلامهم وعدسات كميراتهم مصدر إزعاج للساعين نحو طمس الحقائق على أرض الواقع الذي يشهد مآسيَ حقيقية للشعب السوري لم تشهدها شعوب أخرى، فبين ثنايا الموت والتهجير غصات لا تحصى من الأوجاع والكوارث وأحداث أليمة فاقت الوصف، أثقلت كاهل الصحفيين، وعرضتهم للقتل والاعتقال فغدا العشرات منهم يقبع خلف القضبان يعاني من الظلم وينتظر عدم إفلات الجاني من العقاب.
شكلت منطقة الشرق الأوسط واحدة من أخطر ميادين التغطية الصحفية، مما صنف سوريا البلد الأكثر فتكاً بالصحفيين، حيث وثقت منظمة “مراسلين بلا حدود” حصيلة قتلى بلغت 19 صحفيا و14 صحفية، حسب تقرير لجنة حماية الصحفيين.. عداك عن عدد من الصحفيين يعتبرون حالياً في عداد المفقودين ولا يملك الاتحاد الدولي معلومات كافية لتأكيد مصرعهم.
مع تزايد انطلاق العمليات العسكرية تتسابق الوكالات والقنوات التلفزيونية في سباق يشارك فيه الصحفيون من مناطق الحروب ليغطوا وقائع حقيقية للصراعات غير آبهين بثقل المهام بروح أخلاقية ومهام ثقيلة، تلقى على عاتقهم.
والجدير بالذكر أن إيلاء الاهتمام الكافي لما يتعرض له الصحفيون في العالم من عنف هو واجب ويجب أن لا يفلت من العقاب من يفاقم العنف ضدهم، حيث جاء تصريح رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين إلى أن التقارير السنوية تعتبر تقديراً للشجاعة والتضحية الكبيرة التي بذلها لعشرات الصحفيين الذين خسروا حياتهم بتأديتهم لواجبهم في إعلام الرأي العام.
وعلى الرغم من التعهدات بالحماية من قبل الأمم المتحدة إلا أن تقرير الاتحاد الدولي هذا العام أظهر سوء نتيجة إفلات القتلة من العقاب حيث أصبح الصحفيون أهدافاَ سهلة لبطش الجناة وخاصة نظام الأسد الذي يحاول أن يحول الداخل السوري لنقطة سوداء خالية من التوثيق؛ الإعلامي بهدف التغطية على جرائم نظامه.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد