كشفت مصادر سياسية لبنانية أن مسألة انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية اللبنانية مطروح بشكل أكثر من جدّي، على الرغم من انتماء فرنجية إلى فريق الثامن من آذار. ومعروف أن هذا الفريق لم يخف يوما تحالفه مع حزب الله الذي وجهت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامات إلى خمسة من عناصره بالوقوف وراء اغتيال الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من فبراير من العام 2005. كذلك، كان سليمان فرنجية وزيرا للداخلية عند اغتيال الحريري الأب، وقد أدلى بتصريحات عدّة، قبل الاغتيال وبعده، ذات طابع تحريضي وهي معادية كلّيا لكلّ ما كان يمثّله رفيق الحريري.
وقالت هذه المصادر إن تأييد قوى لبنانية معادية لحزب الله والنظام السوري لانتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية عائد إلى أن جهات دولية عدّة، على رأسها الولايات المتحدة باتت تعتبر أن الشخص الذي يعتبر نفسه “صديقا لبشّار الأسد” تحوّل إلى شخص آخر بعد طي صفحة رئيس النظام السوري.
ورأت المصادر ذاتها أن الإدارة الأميركية كانت أوّل من شجع على الدفع في اتجاه انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية من منطلق أن بقاء الفراغ على صعيد الرئاسة اللبنانية منذ ما يزيد على سنة ونصف سنة، أي منذ الخامس والعشرين من مايو 2014، بات يهدد كلّ مؤسسات الدولة اللبنانية.
وفي هذا المجال، أوضح مسؤول لبناني كبير أن الإدارة الأميركية لم تعد تمانع في انتخاب سليمان فرنجية رئيسا في حال كان ذلك يشكّل خطوة على طريق إنقاذ مؤسسات الجمهورية اللبنانية التي أصبحت مهددة بالانهيار التام في ضوء غياب رأس للدولة في لبنان وفي ظلّ المرحلة الحساسة التي تمرّ بها المنطقة.
وأوضحت المصادر نفسها أنّ رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري الذي يتزعّم “تيار المستقبل” والذي التقى الأسبوع الماضي سليمان فرنجية في باريس لم يعد يعترض على وصول الأخير إلى الرئاسة. وفسّرت موقف سعد الحريري بأنّ المهمّ في الوقت الراهن هو إنقاذ ما بقي من مؤسسات الدولة اللبنانية، خصوصا في سياق ما تشهده سوريا من تطورات جعلت من بشّار الأسد جزءا من الماضي لا أكثر.
وأشارت هذه المصادر إلى أن تأييد الحريري لانتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية مرتبط أيضا بوجود تأييد فرنسي وبريطاني وحتّى غياب الاعتراض السعودي لهذا التوجّه. فعلى العكس من ميشال عون، المرشّح للرئاسة المدعوم من حزب الله، أقلّه ظاهرا، لم يهاجم سليمان فرنجية المملكة العربية السعودية يوما وسعى إلى المحافظة على علاقة ودّية معها، إلى أبعد الحدود. وأكّد المسؤول اللبناني الكبير أن سليمان فرنجية حصل أيضا على تأييد من حزب الله لوصوله إلى الرئاسة بعدما اقتنع الحزب، ومن خلفه إيران، أن لا أمل لميشال عون في أن يصبح رئيسا في يوم من الأيّام. وقد استهلك الحزب، في رأي هذا المسؤول، ورقة عون التي استخدمها طوال الأشهر الماضية لمنع انتخاب رئيس للجمهورية.
وتساءلت المصادر السياسية اللبنانية المطلعة على تفكير سعد الحريري وتوجّهاته، هل يستطيع المعارضون لسليمان فرنجية تعطيل انتخابه رئيسا للجمهورية في حال حصل على تأييد تيّار المستقبل وحزب الله وحركة “أمل” وحزب الكتائب اللبنانية، فضلا عن نوّاب مستقلين؟
وذكرت في هذا المجال أن المعارضة لسليمان فرنجية ستقتصر عندئذ على ميشال عون والدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية. ولكلّ من عون وجعجع أسبابه الخاصة لمنع انتخاب سليمان فرنجية رئيسا، ذلك أن الأوّل يعتبر أنّه صاحب الحقّ في رئاسة الجمهورية، فيما هناك خلافات عميقة بين “القوات” وفرنجية عائدة إلى حساسيات مرتبطة بمنطقة الشمال اللبناني التي ينتمي الفريقان إليها من جهة وإلى ملفّ اغتيال والد سليمان فرنجية في أواخر سبعينات القرن الماضي.
وخلصت هذه المصادر إلى القول إن طرح موضوع انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية في لبنان أعاد خلط الأوراق السياسية في البلد، كما سيكون امتحانا لحركة الرابع عشر من آذار التي ستكون في مواجهة امتحان صعب سيتبيّن بعده هل هي قادرة على المحافظة على وحدتها أم لا؟
العرب