عندما تنتهي الحرب في بلادي، قد نضطر لمحو العديد من المصطلحات اللغوية من قواميس العالم، علنا ننسى أوجاعا أصرت على المبيت في قلوبنا، أوجاعا أبت مغادرة بلادي، كم هي عنيدة تلك الحرب، ست سنوات والسابعة تكاد تكتمل، ولم تتعب أو تأخذ قسطا من الراحة علّ الشعب الأعزل يلتقط أنفاسه بعد أن كتمتها بنيرانها.
كيف لنا أن نمحو من ذاكرتنا المهجرين، أو النازحين، الشهداء ومعاقي الحرب، الأيتام والثكالى، اللاجئين هنا وهناك وفي كل بقعة على وجه الأرض، ففي كل عام من عمر الحرب البائسة، نجد مايميزها عن سواها من حيث الألم والمعاناة.
في بداية ثورة الكرامة والحرية التي خرج بها شعب سوريا، كنا في مرحلة صدمة من اكتشاف جرائم الأسد الأب، والمجازر التي ارتكبها في ثمانينيات القرن الماضي وخلدها التاريخ رغما عن سياسته القمعية، فثرنا حينها غضبا وألما على الطريقة الوحشية التي قتلوا بها حينها سواء مجزرة صيدنايا أو مجزرة جسر الشغور أو حماه أو غيرها.
لكن ما يجعلنا نتعدى مرحلة الصدمة، الواقع العجيب الذي عشناه خلال سنوات الحرب بعيدا عن التاريخ والصور الفوتوغرافية لتلك المجازر، فما عشناه وشاهدناه بأم أعيننا من قتل وإجرام كفيل بأن يصنع التاريخ ويخلد اسم الأسد ليكون فعلا القائد الخالد ولكن بقلوب سوريين يملكون داخلها حقدا دفينا لتلك العائلة.
وأخيرا، يظن موالو الأسد أن زعيمهم قد انتصر، لكن هل حقا ما حدث خلال تلك الأعوام يمكن أن يسمى انتصارا، والسؤال الأجدر، هل بقي هناك وطن نحارب من أجله، أو نضحي بمن بقي في سبيل بقائه، ربما يئسنا من تلك الحرب، ولم نعد نشعر بانتمائنا لأي وطن، فمتى سنستيقظ من غفلتنا وندرك مع يفاوض على حياتنا وحرياتنا؟.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد