تنتشر فكرة الزواج المبكر في الشمال السوري لأسباب عديدة أبرزها العادات والتقاليد التي تعجل من زواج الفتيات في المنطقة، حيث يعتقد ذوو الفتاة أن تزويجها باكراً يحميها ويوفر لها مستقبلاً أفضل من الدراسة، في المقابل يبحث أهالي الشباب عن فتاة لأولادهم تكون بعمر صغير لأسباب أبرزها إنجاب عدد أكبر من الأطفال.
تقول هيفاء أنها لم تكن بوعيها حينما تزوجت عن 15 عاماً، وأنها كانت تتصور شيئاً ورأت بالزواج المبكر شيئاً آخر، وتقول بدهشة “كنت في منزل أهلي أنام للساعة التي أريد، طعامي وشرابي يحضر أمامي بلا عناء وثيابي لا أعدها إلا نظيفة ومرتبة، لكن فجأة أصبحت أنا مسؤولةً عن كل تلك الأمور وفي منزل غير منزل أهلي”.
خطبة تقليدية وزواجٌ بحفلة بسيطة، لم ترَ هيفاء خلال عرسها الصالة الذهبية التي كانت تحلم بها، ولا حتى الحصان الأبيض والسيارات الفارهة، “حفلة زفافي كانت بسيطة، خطبة تقليدية عن طريق الأهل جمعتنا بعدما رأينا بعضنا لمرة واحدة، تلك المرة التي يعتبرها الأهل كفيلةً بتأسيس حياة كاملة، وبعد الموافقة اتفق أهلي وأهله على كل الترتيبات البسيطة نظراً لسوء الأوضاع المعيشية وكوننا جميعاً نازحين إلى المخيمات”.
بدأت المشاكل بعد الزواج تصدح في أرجاء خيمة العروسين، هيفاء الطفلة العروس وزوجها أحمد(اسم مستعار) الذي يكبرها باثني عشر عاماً كان التفاهم صعباً بينهما، ورغم أنهما من نفس البيئة كانا غريبين عن بعضهما ومن قرى مختلفة، ولم يشاهدا بعضهما سوى في الخطبة أو ما يسمى “النظرة الشرعية” حيث أبديا إعجاباً شكلياً ببعضهما وتمت الخطبة.
وتشتكي هيفاء من فترة ما بعد الزواج وقبل الطلاق فتقول “كنا نختلف في أدق التفاصيل، لم يكن التفاهم حليفنا، وفارق العمر جعل العقلية تختلف فأنا الطفلة المدللة وهو الشاب الذي قاسى وعانى في الحياة، ولا ألومه حقاً لكن لومي على ذوينا الذين زوجونا باكراً ودفعونا للطلاق باكراً أيضاً”.
بعد الطلاق استاءت حالة هيفاء وصحتها النفسية، وباتت كل الدروب مسدودة بوجهها، وفي مجتمعنا عندما تتعرض الفتاة للطلاق يكثر الراغبون بالزواج بها من كبار العمر والمتزوجين، لكنها رفضت تماماً تلك الفكرة لقولها “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، يكفيني ما عانيت ولن أقبل بالزواج من أولئك المتزوجين أو كبار السن الذين من بينهم كان رجل في الخمسين من عمره”.
تخرج هيفاء اليوم إلى معهدها باكراً، بنشاط وحيوية تسعى للحصول على الشهادة الثانوية بالفرع الأدبي واستكمال مسيرتها العلمية بعدما توقفت للزواج، وتؤكد أن أكبر أخطائها هو إيقاف التعليم وأن لا شيء يسند الفتاة أكثر من شهادتها وعلمها.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع