إدلب– يواجه القطاع الطبي في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة شمالي سوريا كارثة حقيقية، وذلك بعد الزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة وأودى بحياة مئات الضحايا وآلاف المصابين، فضلا عن العالقين تحت الأنقاض.
إذ توقف الدعم المخصص لأكثر من 18 مشفى كبيرا ونقطة طبية شمالي غرب سوريا من قبل المنظمات الإنسانية الداعمة لهذه المشافي خلال الأشهر الماضية.
يقول نقيب “الأطباء الأحرار” في الشمال السوري وليد التامر -للجزيرة نت- إن هناك تحديات وصعوبات كثيرة يواجهها القطاع الطبي والمشافي داخل الشمال السوري، بعض منها تكون آنية يفرضها الواقع والحوادث الطبيعية، مثل وباء كورونا وأوبئة أخرى كالكوليرا، كذلك حوادث الزلازل والهزات الأرضية كما حدث مؤخرا، وذلك بالإضافة إلى التحديات والصعوبات المزمنة كالنقص في المواد الطبية النوعية والنادرة لبعض المرضى والأجهزة اللازمة لمرضى القلب.
تحديات وصعوبات
وعن المشاكل التي تواجه المرضى، أضاف التامر أنه لا توجد جرعات أدوية كيميائية لمرضى السرطان، مما يجبر المرضى على السفر إلى الدول المجاورة لتلقي العلاج اللازم، إضافة إلى النقص في الدعم المادي واللوجستي كأجهزة أشعة الرنين المغناطيسي والرنين الطبقي المحوري التي من النادر جدا توفرها بالمستشفيات، مما يؤدي إلى إرهاق الأطباء.
ولفت في حديثه إلى أن التحديات والصعوبات مستمرة حتى الآن على صعيد التحديات المزمنة والتحديات الطارئة، والمستشفيات والأطباء في صراع دائم مع هذه العقبات.
وبات الشمال السوري يعتمد في الآونة الأخيرة اعتمادا كليا على كليات الطب في إدلب وحلب وعلى الأطباء الذين تخرجوا فيها مؤخرا.
وفي هذا الخصوص، يوضح التامر أن هؤلاء الخريجين الجدد أصبحوا ركنا أساسيا يعتمد عليه القطاع الطبي في الشمال السوري، وهذه الكوادر بحاجة إلى توسع أكبر في التخصصات، وهذا الأمر يتطلب عددا أكبر من المشافي التي تغطي جميع التخصصات، كما أنه يحتاج إلى معدات تسهل عملهم.
وأشار إلى أن المستشفيات بحاجة إلى مشفى أكاديمي لتسهيل تدريب هذه الكفاءات حتى يكون رافدا متجددا. ولفت إلى النقص الشديد في التخصصات الطبية الصعبة مثل أطباء القلب، وأطباء الجراحة الداخلية، لذا تسعى مديرية الصحة في إدلب وحلب إلى توفيرها لمواجهة الحاجة المتزايدة لها.
ورأى التامر أن المستشفيات في حالة صدمة بعد كارثة الزلزال الأخيرة، بسبب عدم وجود إستراتيجية للتعامل مع الطوارئ، مشيرا إلى أن نقص الخطط الإستراتيجية يؤدي إلى عجز كامل حيال الأزمات.
وذكر أنه بعد الزلزال الأخير أصبحت المشافي في أمس الحاجة إلى أبسط الاحتياجات كالإسعافات الأولية ومواد التخدير والجبائر والصفائح اللازمة للكسور العظمية.
وختم حديثه بالقول يجب التعامل مع هذه التحديات والصعوبات وتوفير المستلزمات، حتى تكون المشافي قادرة على مواجهة الكوارث التي تقع من دون سابق إنذار.
مأساة حقيقية
وتعيش مناطق الشمال السوري مأساة إنسانية حقيقية، وفق توصيف الأمم المتحدة، لا سيما في المخيمات التي يقطن فيها أكثر من 1.5 مليون إنسان ما بين تجمعات منظمة وأخرى عشوائية.
وقد تعرضت المنطقة لعدة كوارث بدأت بتفشي فيروس كورونا، وبعده وباء الكوليرا، وآخرها الزلزال، مما أدى إلى إعلان الكوادر الطبية عجزهم عن استقبال مزيد من المرضى.
مدير الصحة في إدلب زهير قراط قال للجزيرة نت إن مستشفيات الشمال السوري ممتلئة برُمتها ولا تكاد تتسع لمصاب جديد، وهو ما دفع الكوادر الطبية إلى استخدام المراكز الصحية، مثل المستوصفات والعيادات العامة، لاستقبال مصابي الزلزال.
وأضاف أن معظم المشاكل والعقبات التي تواجه الكوادر الطبية هي النقص في غرف العناية المركزة وتخصص الجراحة العصبية، إضافة إلى أجهزة التنفس.
واعتبر أن المستلزمات الأساسية والضرورية التي تحتاجها المستشفيات هي الأدوية الأولية كالشاش الطبي والمسكنات وأدوية التخدير، فضلا عن حاجة المشافي إلى وقود لتشغيل محطات توليد الأكسجين اللازم للمرضى، إذ انقطعت الكهرباء بسبب الكارثة الأخيرة، وهو ما جعل المستشفيات تعتمد على مولدات بسيطة.
وأعرب قراط عن أسفه على خسارة القطاع الطبي في الشمال السوري عددا من كوادره من فنيين وإداريين بسبب الزلزال.
ولفت إلى أن المستشفيات رغم عدم قدرتها على استيعاب هذا العدد الكبير من المصابين، فإنها استقبلت جميع من لجأ إليها من الجرحى الذين تم توزيعهم على جميع المستشفيات في محافظة إدلب.
جدير بالذكر أنه في منطقة شمال غربي سوريا -التي يتجاوز عدد سكانها 4 ملايين نسمة- توجد مشاف عدة، بالإضافة إلى نقاط طبية ومراكز إسعافية، يعمل معظمها عن طريق الدعم المقدم من منظمات أوروبية وعربية.