شهدت الساعات الماضية انتهاء عمليات إخراج الطفل المغربي “ريان” الذي جمع قلوب العرب قبل العالم لقصته الحزينة التي اختتمت بإخراج جسده فقط بينما طارت روحه نحو السماء.
ففي كل الأماكن تحصل حوادث تثير المشاعر كقصة ريان، بل حتى القرآن سرد قصة نبي الله يوسف وهو في غياهب الجب، فجميعنا أخذتهم الذاكرة بفترات حياتنا إلى مصير قد يُوقعه في بئر مثل ريان.
حسن رجل ثلاثيني من ريف حلب، يصف مشاعره وهو يتابع قصة ريان عبر الشاشات، يُوصل الليل بالنهار بأدق تفاصيلها، فيقول “وقت كنت صغير كنت كل ما أمر من جنب بير أبلش بالركض بعيد عنو وقلبي تتزايد ضرباته بشكل لا إرادي، لأن كنا نسمع من العجائز عن أناس وقعوا في آبار ولا أمل باستخراجهم، فالكل يعرف أن من يسقط في البئر قد يموت ربما قبل أن يرتطم في قعر البئر”.
يضيف حسن أنّه كان يستذكر تلك الهواجس المخيفة أثناء رعي الأغنام، وخاصّة عندما كان يحاول بعض المراهقين ممازحتهم بشكل مخيف بالقوب من أحد الآبار.
فيسرد حسن قصّة شكاويه لجده وجدته جرّاء مزاح عمّه بالإمساك به وإخافته بالقرب من بئر محفور هنا أو هناك لإخافته، إلاّ أنّ العمّ كان يبرر ذلك بأنّه يعمل على تقوية شخصيته ضد الصعاب وزيادة جرأته، ويقول: “كان علينا أن نتعلّم الخشونة لمواجهة قساوة الحياة التي تنتظرنا في بلد تقوم فيه سلطة النظام على نهب ثروات الوطن والمواطن معاً”.
يشير حسن أنّه مرّة كان مع مجموعة من الأطفال قرب أحد الآبار وحين يتعرقل أحدهم بكدرة تراب، يصيح من شدة الرعب مفزعاً البقية ليتراجعوا وقلوبهم ترتفع وتهبط ووجوههم تتصبّب عرقاً، بينما يضحك الأطفال على من يفرون من المكان ويصفونهم بالجبناء “ها ها خويفة خويفة مثل الفيران”.
يضيف حسن قائلاً: “وقعت تلك الكلمات على أسماعنا كالصّاعقة فعدنا أدراجنا تجاه البئر مرة ثانية في صمت رهيب مطبق على المكان ليقوم أحدنا برمي حجرة بمحاولة طفولية لاستكشاف ما في البير أين ستصل ليخرج صوت بعيد مخيف بعد دقائق من جوف البئر ثم قام طفل بالصراخ من الخوف ما جعل صوته يتمدد داخل البئر ذو الحواف المكشوف”.
أردف حسن “بينما نحن على هذه الحال إذ بصوت عالٍ من ورائنا يصيح بكل ما أوتي من قوة علينا ابتعدوا ارجعوا وكأن لغماً ندوس فوقه دون دراية يحذرنا منه قبل أن ينفجر بأحدنا، ليفز الجميع من المكان ويتقدم الرجل وسط صراخه لتأمين فتحة الجب من عبث الأطفال”.
قصة خبرية بقلم طارق الجاسم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع