روسيا تريد أن تجني ثمار انتصارها العسكري في حلب لتتفرغ لملفات أكثر إلحاحا، كالوضع في أوكرانيا والعلاقة مع ساكن البيت الأبيض الجديد.
العرب غنيم الزعبي [نُشر في 2017/02/02، العدد: 10531، ص(9)]
انتبهت إحدى الصحف الأميركية الكبرى إلى لغز محير يحدث في سوريا، وهو كثرة القتلى الإيرانيين خاصة من الحرس الثوري وخاصة النخبة فيه.
فقد كانت الأخبار تتوالى تقريبا كل أسبوعين أو ثلاثة من دمشق عن مقتل قائد عسكري في الحرس الثوري، أو مقاتل بارز له وزن كبير في صفوف حزب الله.
قامت الصحيفة بالاتصال بمصادرها سواء من رجال الاستخبارات الأميركيين القدامى أو حتى الحاليين الذين يسمح لهم بتسريب بعض المعلومات المنتقاة، وذلك لصالح الأمن القومي الأميركي.
فكانت المعلومات الصادمة في تفسير تسارع وتيرة اغتيال قادة النخبة من الحرس الثوري وحزب الله، وهو أن القوات الروسية الموجودة في سـوريا تقوم بتسريب إحداثيات مواقع هؤلاء القادة إلى المعارضة السورية التي تقوم، بدورها، باصطيادهم بسهولة بفضل تلك المعلومات الرقمية الدقيقة.
إحدى النظريات التي تفسر هذا التصرف تقوم على أن روسيا هي كالجراح الذي يجري عملية دقيقة على مريض، الذي هو سوريا، وهناك جراح آخر مزعج بجانبه لديه مشرط آخر ويصر على عمل جرح هنا وقطع هناك، ويتباهى كذلك بنسب الفضل كذبا وزورا في إنجازات تحققت بفضل الجراح الأول.
وكذلك هناك سبب آخر يجعل روسيا غير مرتاحة لدور إيران في سوريا، وهو تفاوت وجهتي نظرهما حول مدى الدور الذي يجب إعطاؤه للمعارضة في مرحلة ما بعد الصلح مع النظام. روسيا تريد أن تجني ثمار انتصارها العسكري في حلب لتتفرغ لملفات أكثر إلحاحا، كالوضع في أوكرانيا والعلاقة مع ساكن البيت الأبيض الجديد. أما إيران فبالها طـويل وهي لديها خطـط أخرى لسوريا على أمل التهامها كما فعلت في العراق، لكن روسيا العام 2017 ليست أميركا العام 2003 حين تحول الانتصار العسكري للأخيرة إلى مكافأة لإيران لتبتلع العراق. الروس تعلموا الدرس من تجربة الأميركان، ولن يعطوا فرصة لإيران للتمدد أكثر داخل سوريا.
ورغبة منها في الصدام المبكر مع إيران تناغمت روسيا كثيرا مع بعض مطالب المعارضة، ووصل الأمر إلى أنها قصفت ميليشيات تابعة لإيران حاولت عرقلة انسحاب بعض قوات المعارضة ضمن اتفاق مسبق مع روسيا.. والآتي أعظم.
صحيفة العرب