تشهد العملية العسكرية التي أطلقتها فصائل المعارضة لكسر الطوق على حلب، تراجعا، بسبب الغارات المكثفة التي يشنها الطيران الحربي الروسي، منذ ليل الاثنين الثلاثاء، لدعم الجيش السوري جنوب المدينة.
يأتي هذا التطور في وقت تعالت فيه أصوات المسؤولين الأميركيين المنتقدة لنظام الأسد وحليفه الروسي وإن كان ذلك بشكل “محتشم” عن ذي قبل، داعية إياهما إلى الاستجابة لاتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم التوقيع عليه في فبراير الماضي.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن “الغارات الروسية المكثفة لم تتوقف طوال ليل الاثنين الثلاثاء” على جنوب غرب حلب.
وتدور منذ الأحد معارك غير مسبوقة في عنفها، بين الجيش السوري وحلفائه من جهة والفصائل المعارضة والمقاتلة وبينها تنظيم فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) من جهة أخرى.
وأدت الغارات الروسية، وفق عبدالرحمان، إلى “إبطاء الهجوم المضاد الذي تشنه الفصائل، وسمحت لقوات النظام باستعادة السيطرة على خمسة مواقع من أصل ثمانية كانت الفصائل المعارضة قد استولت عليها من دون أن تتمكن من تعزيز مواقعها”.
ويسعى مقاتلو الفصائل من خلال هجومهم الأخير إلى استعادة السيطرة على حي الراموسة الواقع على الأطراف الجنوبية الغربية لحلب، ما سيمكنهم من فتح طريق إمداد نحو الأحياء التي يسيطرون عليها في شرق وجنوب شرق حلب من جهة، وقطع طريق إمداد رئيسي للجيش السوري والمدنيين في الأحياء الغربية من حلب من جهة أخرى.
وتشهد مدينة حلب منذ صيف العام 2012 معارك مستمرة وتبادلا للقصف بين الفصائل المقاتلة في الأحياء الشرقية والجيش الذي يسيطر على الأحياء الغربية.
ونجح الجيش بدعم من ميليشيات لبنانية وعراقية وفلسطينية وإيرانية وبحضور قوي للطيران الروسي في فرض حصار كامل على الأحياء الشرقية منذ 17 يوليو.
وتعتبر الأطراف المتحاربة أن معركة حلب هي الفيصل في الصراع السوري حتى أن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله وصفها بأم المعارك هناك.
وقد بدأت فصائل المعارضة الأحد شن هجوم مضاد لكسر الحصار على المدينة، اعتبر الأكبر منذ الهجوم الذي شنته في 2012 ومكنها من السيطرة على نصف مساحة حلب.
ويرى مدير المرصد السوري أن “هذه المعركة هي الفرصة الأخيرة لمقاتلي المعارضة”، موضحا “إن خسروها فسيكون من الصعب عليهم أن يشنوا هجوما آخر لفك الحصار”.
وتثير المعارك خاصة على الجهة الشرقية من المدينة رعب الآلاف من المدنيين المحاصرين، ومع ذلك يبقى رد فعل الأمم المتحدة والولايات المتحدة دون المأمول.
وفي تصريحات له قال وزير الخارجية الأميركي “من الضروري أن توقف روسيا ونظام الأسد الهجمات، كما أن من مسؤوليتنا حض المعارضة على ألا تكون طرفا في هذه العمليات” لا سيما في حلب.
واعترف كيري ضمنيا بفشل مشروع بدء مرحلة الانتقال السياسي والذي كان مقررا في الأول من أغسطس.
وقال “حدد هذا التاريخ في سياق التوافق على أن الأطراف المعنية ستتمكن من حضور المباحثات وستباشر التفاوض على الفور” مضيفا “لكن بسبب الهجمات المستمرة التي يشنها نظام الأسد وجدت المعارضة نفسها عاجزة عن الحضور إلى جنيف”.
وأضاف “هذه الأيام مهمة لتحديد ما إذا كان أي من نظام الأسد أو روسيا سيحترم توصيات الأمم المتحدة أم لا”. وتابع “سنرى خلال الساعات القليلة المقبلة”.
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قبل أسبوع عن أمله في استئناف محادثات السلام السورية “أواخر أغسطس”، معتبرا أنه لا يمكن للمحادثات أن تنتظر تحسن الأوضاع في دمشق وحلب.
هذه المواقف خاصة تلك التي صدح بها دي ميستورا لم تلق قبولا لدى المعارضة السورية التي اتهمت الأخير بالانحياز لنظام الأسد وروسيا.
وقال رئيس الوفد السوري المفاوض في جنيف العميد أسعد الزعبي في تصريحات، على صفحته على “تويتر” إن هيئة الأمم المتحدة استنفرت لوقف تقدم “الثوار” في حلب، وإنها تتآمر إلى جانب روسيا والولايات المتحدة على الشعب السوري.
وأضاف الزعبي أن الأمم المتحدة بدل أن تقدم المساعدات للمحاصرين تعمل على إفراغ حلب من أهلها وإفراغ حي الوعر في حمص من ساكنيه. وكشف أن دي ميستورا قدم عدة مقترحات تصب جميعها في صالح بقاء الأسد لعل آخرها ذلك الذي ينص على تعيين ثلاثة نواب للأخير، مع تخفيض صلاحياته.
وتبدي المعارضة السورية قلقا حيال الموقف الدولي، وسط تصاعد المخاوف من إمكانية وجود صفقة لإعادة تدوير الأسد، خاصة بعد إشارات كيري إلى أن المسار السياسي القائم قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.
العرب