تعمل روسيا على استثمار تراجع التأثير الأميركي لتحسين صورتها في الشرق الأوسط من بوابة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خاصة بعد أن نجح تدخلها العسكري في سوريا في تقديمها كلاعب مهم في صياغة المعادلات السياسية بالمنطقة.
ودعا رئيس وزراء روسيا دميتري مدفيديف الجمعة لاستئناف الحوار الفلسطيني الإسرائيلي فورا على أساس حل الدولتين.
وقال مدفيديف في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لجمع عباس ونتنياهو، في موسكو، “ما تزال مطروحة، وجرت مناقشتها مع الطرفين”.
وأضاف “لم نسحب المبادرة، وبإمكان الطرفين استغلالها في أي وقت، نحن نعتقد أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام الراسخ في هذه الأراضي”.
وتابع أن “الدور الأميركي في المفاوضات كان غائبا في الفترة الأخيرة، نحن سنواصل العمل في هذا الاتجاه، ونتطلع إلى مساهمة كل الأطراف وخاصة الولايات المتحدة الأميركية”.
وفي حال تم توجيه دعوة له من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإجراء مفاوضات مباشرة، عبر الرئيس الفلسطيني عن الاستعداد لاستئناف الحوار.
وقال “منذ زمن ونحن مستعدون للحوار المباشر مع الجانب الإسرائيلي وعندما دعتنا روسيا إلى عقد لقاء لبينا الدعوة فورا”.
وذكر أن “المهم هو على ماذا نتفاوض ويجب أن يفهم نتنياهو أنه ما لم يؤمن بحل الدولتين لن يكون هناك سلام”.
وقال مراقبون إن موسكو وجدت أن الطريق سالكة للعب دور وساطة يعيدها إلى الواجهة، لكنهم لفتوا إلى أن المبادرة الروسية لا يمكن أن تحقق أي اختراق لدفع قطار متوقف منذ نصف قرن.
وفشل مختلف الوسطاء الدوليين والإقليميين في تحريك عجلة السلام المتوقفة سواء الذين دعموا رؤية إسرائيل للحل، أو الذين اختاروا توظيف فصائل وشخصيات فلسطينية كواجهة لهم في الملف مثلما فعلت إيران التي كانت تأمل في أن يوفر دعمها لحماس والجهاد الإسلامي أرضية لها في الصراع وتوظيفه في الحصول على اعتراف دولي بدورها الإقليمي.
وحاولت تركيا أن تجد موطئ قدم في الملف الفلسطيني من خلال الرهان على حماس في غزة، من بوابة تصريحات نارية للرئيس رجب طيب أردوغان، لكنها عادت لاسترضاء إسرائيل، وتعمل حاليا على بناء ثقة بين حماس وتل أبيب.
وأشار المراقبون إلى أن روسيا قد تجد دعما من الرئيس الفلسطيني الذي يعيش وضعا داخليا صعبا في ظل رغبته بالاستمرار في الرئاسة، لكن أي حل سيمضي فيه، بما في ذلك المبادرة الروسية، سيحتاج إلى توافق فلسطيني واسع لن يتم قبل حسم الخلافات داخل المؤسسات الفلسطينية.
وإذا كانت روسيا نجحت في أن تحوز على تفهم لدورها في سوريا بسبب التوافق الإقليمي على محاربة داعش، فإن عوائق كثيرة ستعترض مبادرتها لتحريك السلام بسبب التعقيدات التاريخية للملف الفلسطيني.
وأطلق مدفيديف مواقف لإرضاء الفلسطينيين وإسرائيل معا، وهو ما يعكس غياب رؤية روسية للحل، وأن مبادرتها تقوم على تجميع الفرقاء للحوار ليس أكثر.
وفي مقالة بعنوان “روسيا وفلسطين تقدم إلى الأمام”، كتب مدفيديف أن “روسيا صديق وفي للفلسطينيين” وأنه “من المهم للغاية الاستئناف الفوري للحوار الفلسطيني الإسرائيلي” الذي يجب أن يؤدي في نهاية المطاف إلى حل على أساس التعايش بين “دولتين تتمتعان بحقوق متساوية”.
وبنفس الأسلوب، سعى رئيس الوزراء الروسي في تصريحات سابقة إلى إرضاء الإسرائيليين بالقول إن “لبلدينا صداقة وثيقة وتحديات مشتركة ينبغي أن نحلها معا”.
ووصل مدفيديف مساء الأربعاء إلى إسرائيل والتقى الخميس نتانياهو، ثم تحول إلى أريحا والتقى الجمعة عباس قبل أن يغادر إلى موسكو.
العرب