لم يتوانَ أهالي سوريا يوماً عن تقديم الغالي والرخيص في سبيل الحرية و الكرامة، التي نادوا بها منذ انطلاقة الحراك الثوري ضد حكم نظام الأسد في منتصف آذار/مارس من عام 2011.
أضافت ثورة الشعب السوري لثورات الربيع العربي الكثير من خلال ثورته الشعبية بطريقته الخاصة عن طريق خفة الدم و ابتكار وسائل عديدة تخفف عنه مصائبه التي تحل به من قصف و دمار و تشريد.
انتشرت روح الفكاهة في الحراك السلمي على امتداد الأراضي السورية، فأبدع السوريون و اشتهروا بهتافاتهم المبتكرة المنددة بالنظام و التي ترافقت بروح السخرية من عبارات و لافتات و شعارات تنادي بإسقاط النظام بطريقة مغايرة، كبلدة كفرنبل في الريف الادلبي و التي اشتهرت على نطاق واسع عن طريق لوحاتها الكاريكاتورية التي سخرت من نظام الأسد و طريقة رده و معاملته للمدنيين الثائرين ضده بتلك العبارات، لتصبح تلك اللافتات موضع المضحك المبكي في الشارع السوري.
كما نشر ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي في بداية الحراك السلمي فيديو لعدد من المتظاهرين في مدينة اللاذقية في الساحل السوري، و الذين كانوا في إحدى المظاهرات السلمية في حي ” الصليبة ” و الذين كانوا يواجهون قوات النظام بحبات ” الباذنجان ” على أنها قنابل يدوية، فيقضمون منها ثم يقومون بإلقائها في محاولةً منهم إخافة قوات النظام و نسيان ما يواجههم من رصاص و قذائف.
و عندما نتحدث عن النهفات في الثورة السورية لا نستطيع نسيان محافظة حمص عاصمة الثورة و أبناءها المعروفين بروح الدعابة و خفة الظل، التي برهنوا من خلالها على صمودهم رغم الحصار و القصف و انقطاع سبل العيش، فكيف لنا أن ننسى مقطع الفيديو الشهير الذي انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي في أحد أحياء حمص عندما كان المتظاهرون يبعدون بضعة أمتار قليلة عن الجيش وهم يواجهونهم بأنبوب معدني يستخدم في المدافئ المنزلية يطلقون من خلاله بعض الألعاب النارية ” الفتاش ” في وجه جيش النظام و قواته الذي اندهش من طريقة تعامل المتظاهرين السلميين مقابل قمعهم لهم و إطلاق الرصاص الحي عليهم .
أما التوأمان ملص من محافظة دمشق اللذان يعملان في التمثيل المسرحي، أرهقا النظام بأعمالهم المعارضة للنظام و التي أظهر من خلالها الأخوان ملص واقع الشارع السوري و كشف أفعال قوات النظام، لكنهم اضطروا إلى الخروج من سوريا بعد مداهمة قوى الأمن لمنزلهم في أحد أحياء دمشق، إلا أنهم رغم ذلك لم يتوقفا عن تصوير الأفلام القصيرة و إقامة المسرحيات الكوميدية الساخرة من النظام خارج بلدهم الأم .
انتشرت النهفات الثورية في كل شارع سوري، و أقدم على فعلها الكبير و الصغير، علّهم يهونون على أنفسهم قدر الإمكان ما يعيشون فيه خلال فترة الحرب و التي ليس من الواضح إلى متى سوف تستمر ومتى ستنتهي.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج