حرب ضروس، حرمتنا أهلنا وأقاربنا، نساء ترملن ولم يبق لهن معين إلاّ الله، والبعض هاجر يجوب الأرض بحثا عن الأمان.
كانت هند (اسم مستعار ) تعيش مع طفلها الذي يبلغ من العمر عاماً وبضع أشهر وزوجها الذي اختطفتهُ منهم رصاصة الحرب أودت بحياته .
تقول هند “انتقلت مع طفلي للعيش مع عائلتي بعد وفاة زوجي، وكنت أرسل طفلي بين الحين والآخر لزيارة أهل والده” وبعد أن أتممت العدة، بدأ والداي يصران على زواجي، وكنت أرفض الأمر فجرحي لم يلتئم بعد، إلى أن أتى شاب بدا عليه في البداية حسن التعامل وحسن الخلق، وبعد الزواج بمدة، انقلبت معاملته معنا وكنت قد حملت منه وبعد أشهر من الحمل، جلس والتفت إلي قائلاً “أعيدي الطفل لأهله أنا لا أريده في منزلي”.
نهضت إلى غرفتي وأخذت بعض الحاجات وكنت مصممة العودة إلى منزل والدي، وهو مصمم بأنه لا يريد هذا الطفل، تسترسل هند في قصتها “ذهبت لأهلي اشتكي لهم ما حصل وما طلبه زوجي مني ومكثت يومين وأنا أتحدث معهم في ذات الموضوع من أجل طفلي، والأفكار مشتتة لا أدري ما القرار الذي يجب عليَّ اتخاذه”.
تقول هند والحرقة ملأت قلبها ” وضعت بين خيارين وكلاهما مر، فإما أن أختار طفلي هذا وأحرم من الآخر قبل ولادته ويهدم منزلي مرة أخرى، أو أتركه للعيش في لوعة الفراق بعيدة عنه”، استمرت هند برفضها للأمر لكن أهلها لا يوافقونها الرأي، وقالوا لها “هذا زوجك الثاني هل كل يوم والآخر نزوجك أين تظنيين نفسك؟ ”
تكمل هند حديثها قائلة “وافقت على إرسال طفلي لأهله وتواصلت معهم و أبلغتهم بالأمر وعند صباح اليوم التالي جاؤوا لأخذه وأخذ روحي معه، وعدت إلى منزلي وزوجي ووضعت طفلي الثاني، أما عن ابني فكنت كل مدة اتواصل معه و اطمئن عليه ولكن حرماني منه يحرق قلبي يوما بعد يوم.
تكمل هند حياتها محرومة من طفلها الذي حرم منها أيضاً، متنقلاً بين أعمامه وجدته متعرضاً لبعض الظلم من زوجات أعمامه، جدته تحبه كثيراً وتحاول الاهتمام به، لكنها لا تستطيع لوحدها فهي كبيرة السن، فكان هذا الطفل يتذوق مر الحياة قبل حلوها وهو في الثالثة أو الرابعة من العمر.
بقلم : فاطمة براء