واصلت أسعار السكر في ظل ندرته الارتفاع واضعة الكثير من التساؤلات لدى الأهالي القاطنين في منطقة إدلب عن الأسباب التي تحول دون تأمين أدنى مطالبهم اليومية في ظلّ حالة الفقر وانعدام مصدر دخل كثير منهم يحفظ لهم كرامتهم.
شعر “أبو محمد” نازح من حلفايا في سلقين شمال غرب إدلب بالندم بعد أن رفض عرض صاحب بقالية قريب من منزله بالحصول على كيلو سكر واحد قبل فوات الأوان.
يقول محدثنا الرجل الخمسيني المصاب بمرض السكري “لم أكن نادماً في يوم من الأيام على عمل فعلته إلا ذاك اليوم عندما طلب مني أبو زهير أن آخذ كيلو سكر قبل نفاذ الكيس الذي تمكن من تأمينه عبر أصحابه في سرمدا وبيعه بسعر ٢٠ ليرة تركية للكيلوغرام الواحد.
علّل أبو محمد رفضه عرض جاره بالاحتفاظ لنفسه بأكثر من 2 كيلوغرام بالمنزل مع زوجته “الحجة” وعائلة أحد أبنائه مما يضمن لهم عمل الشّاي لأيام قبل وصول شحنات السكر، إلا أنّ حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر حسب قوله إذ أنّ الأزمة استمرت وتفاقمت، و “صرت كل يوم أذهب إلى أبو زهير – شو صار معك ماتأمن معك سكر ياأبو زهير!! -لا والله عم يقولوا مقطوع”
أربع دفعات من السكر بأقل من شهر والأسعار تحلق
منذ بداية أزمة السكر التي باتت تلوح أواخر كانون الثاني وبداية شباط الفائت، وصلت عدة دفعات من السكر عن طريق معبر باب الهوى من ١٦ من شباط و١ و٥ من آذار وفي غضون ٤٨ ساعة ماضية دخلت أكبر دفعة ١٨ شاحنة تقل حسب مراسلنا عشرات الأطنان، فيما لم تكن كفيلة بتأمين المادة بالحد الأدنى بالأسواق وضبط سعرها التي لاتزال بحسب أبو حسام صاحب محل في دركوش تباع ١٣.٥ ليرة تركية، أي ما يعادل ٩٠ سنتاً بالحد الأدنى مقارنة مع تسعيرته لـ ١٥ بأماكن أخرى أمام عجز الكثير من الأهالي من شرائه لارتفاع أسعاره مقارنة مع ١٠, ١١ ليرة قبل الأزمة.
أتى ذلك في الوقت الذي وضح مدير العلاقات الخارجية في وزارة الاقتصاد التابع لحكومة الإنقاذ “حمدو الجاسم” لوكالة أنباء الشام الجمعة، عن بدء استجرار السكر ودخول عدة شاحنات خلال الأيام الماضية وتوزيعها عن طريق لجان الرقابة وصولاً لمرحلة الاكتفاء في قادم الأيام عن طريق العقود المبرمة مع شركات التوريد، حسب قوله.
الاحتكار وحصر الاستيراد ورفع الأسعار والمادة مفقودة
لتبرير الأزمة أرجع مسؤول التجارة “الجاسم” أواخر شباط الفائت، أسبابها لانتهاء عقود التوريد مع تركيا وعدم التجديد للاستيراد والظروف الجوية التي حالت دون إمكانية وصولها، الأمر الذي يتنافى مع دخول قوافل إغاثية وإنسانية للمحرر عن طريق معبر باب الهوى بلسان أبو خالد أحد القاطنين في مخيم قرب المعبر بما فيها قوافل النفط والغاز.
من جهتها، اتهمت شبكات إعلامية محلية في الشمال السوري نقلاً عن أصحاب خبرة وعلى دراية بأزمة السكر، باحتكار هيئة تحرير الشام عن طريق ثلاث تجار توريد المادة من تركيا مع ترك هامش ربح بسيط للمكلفين بعد إيداع مبلغ ٧٠٠ ألف دولار تأمين على الشحنات ليقوموا بدورهم بالالتزام بالتسعيرة التي حددتها وزارة الاقتصاد والموارد ببيع الكيس وزن ٥٠ كغ بسعر ٣٨.٥ دولاراً.
الجدير ذكره أنّ الأهالي في الشمال السوري يعانون من سوء الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل متكرّر بحجّة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية تارة، أو ارتفاع الأسعار عالمياً تارة أخرى.
تقرير خبري بقلم: نضال بيطار
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع