في هذه الحرب، جميعنا فقدنا من الأهل والأحباب الذين فرق بيننا وبينهم الموت أو السفر أو ظروف الحياة.
” هاني ” .. يبلغ من العمر الآن 20 عاماً، يقول أنا يتيم الأب منذ عمر العاشرة، حين اقتحم منزلنا مجموعة من الملثمين مع أسلحتهم وكانوا موجهين السلاح نحو والدي، فالتفت والدي و ما هي إلا لحظان قليلة كان والدي ملقى على الارض غارقاً بدمائه، أثناءها لم أكن اسمع إلا صوت الرصاص و صوت صراخ والدتي، و بعد دقائق من سماع صوت الرصاص، اختفوا الأوغاد، و التم أناس من المكان نفسه وأهل والدي خرجوا راكضين إلينا عندما سمعوا ما حصل، مهما وصفت لا أصل لوصف لذاك المشهد، كان مرعباً محزناً مخيفاً، فقدنا والدي أمام أعيننا ولا يوجد من يحاسب القاتلون على فعلتهم.
ولم نعلم لما قتلوه ومن هم، الذي اعلمه أنهم قتلوا والدي وحرمنا منه أنا و أخوتي، أصبحنا نعيش وكأننا بغابة كلٌّ منا يحاسب الآخر على هوا، إن كان معه الحق أو عليه، بعد أن تم دفن والدي وجلست أمي لقضاء عدتها، أعمامي لم يتركونا و لكن كنا 7 أولاد و المصروف كبير، فما كان عليَّ غير أن أترك دراستي و أخرج للعمل ولم أترك عملا لم أعمل به، جميعها كان شاقاً.
مرت 3 سنوات على وفاة والدي وكان المؤلم أكثر قرار والدتي بالزواج، لأننا سنعيش في منزلنا لوحدنا و هي ستنتقل لتعيش بمنزل زوجها، تزوجت والدتي و بقينا أنا و إخواتي و أنا اعمل لأعيل إخواتي، وبقيت على هذا الحال حتى عمر 15 عاماً، وأنا أقبض أجر قليل و أعمال شاقة و الأيام تسير بصعوبة.
فذهبت لزيارة عمي و جدي و كانوا مطلعين على حالنا، فقال لي عمي : سأعطيك مبلغا من المال يكون رأس مال لك وتفتح به مشروع خاص بك و هنا بفضل الله ثم عمي، بدأ حالي يتحسن فلقد اشتريت آلة للعصير و بدأت العمل عليها، كنت فرحاً عندما ادخل ومعي شيئاً جديداً لهم أو طعاماً شهياً يحبونه، لأني أنا الآن أب لهم و بعون الله مشروعي كبر قليلاً أصبحت أستطيع جمع بعض النقود لزواج، و هنا كنت قد بلغت 20 عاماً و بفضل الله تزوجت من فتاة ترضى بحالي و تعيش معي و مع إخوتي و الحمدلله رزقت بطفل و أربي إخوتي واعلمهم و سأبقى سندهم من بعد الله لأن وجعنا واحد.
الذي مررت به يمر به الكثير و يوجد من هو حاله أصعب، و لا يوجد من يساند أو يساعد، والقتل كثر أيضاً و لا يوجد أمان
نعيش اليوم ولا ندري نهايته، ولكن إلى متى سيبقى القتل هيناً وعلى أدنى الأسباب،
المسلم يقتل أخوه المسلم من أجل ديّنٍ لا يذكر، أو من أجل السرقة أو لحظة غضب، ” من أجل ماذا تقتل نفس ويتيم أطفال “.
بقلم : فاطمة أم البراء
المركز الصحفي السوري