بدا نصر الله في خطابه الأخير أكثر رغبة وتعبيرا عن شهية حزبه في التورط أكثر في الحرب السورية، وكان واضحا أكثر مما كان عليه في خطابه عام 2013 عندما أعلن بشكل رسمي تدخل حزبه في القتال إلى جانب النظام.
وبمناسبة مرور أربعين يوما على مقتل القيادي في الحزب مصطفى بدر في محيط دمشق، قال نصر الله “إن هذه الدماء الزكية ستدفعنا إلى حضور أكبر وأقوى وأكثر تعقيدا في سوريا، إيمانا منا بأحقية وصدقية هذه المعركة، وليقين منا بأن الآتي هو الانتصار في هذه المعركة”، مشددا على مواصلة الحضور في سوريا لإلحاق الهزيمة النكراء والنهائية بمن سماها الجماعات الإرهابية وداعميها من الأميركيين.
ولا يمكن فصل خطاب نصر الله عن تصريحات رئاسة الأركان الروسية قبله بأربعة أيام، إذ نقلت وكالة إنترفاكس عن رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف قوله إن “الإرهابيين” في سوريا يستعيدون قوتهم، وأضاف أن الأميركيين لم يتمكنوا حتى اللحظة من تحديد مواقع المعارضين ومواقع من سماهم “ذئاب التنظيمات الإرهابية الدولية”.
معركة حلب
ويرى العقيد الطيار والمحلل العسكري عبد الستار العساف أن خطابي نصر الله وغيراسيموف منفصلان ويحملان رسائل، ويبدوان وكأنهما يردان على بعضهما البعض.
ويقول العساف إن الخطابين إعلان صريح لما بات يعرف “بمعركة حلب” التي ينوي النظام شنها على أحياء المعارضة في المدينة من أجل استعادة السيطرة عليها.
وأضاف أن خطاب نصر الله كان ردا على تصريح رئاسة الأركان الروسية التي بعثت رسائل توبيخية مبطنة للقوات الإيرانية، مفادها أن سبب تقدم “الإرهابيين” هو ضعف التغطية على الأرض من قبل مليشيات إيران وحزب الله، التي بات مركز ثقل حضورها هو ريف حلب الجنوبي.
ويقول العساف إن خطاب نصر الله وتصريحات رئيس الأركان الروسية يدلان بوضوح على التخبط وضعف التنسيق العسكري بين حلفاء النظام.
ويشير إلى أن الطرفين تسابقا في الإدلاء باعترافات غير معهودة عليهما، فحزب الله تحدث عن عشرات القتلى بريف حلب الجنوبي، والروس أكدوا استعادة “الإرهابيين” زمام الأمور، وكأنه تمهيد من موسكو من أجل العودة إلى الساحة السورية من النافذة بعد أن خرجت من الباب، ورغبة من حزب الله في إرسال رسائل إلى الروس بأنه حاضر على الأرض وأن المعركة يديرها من هو على الأرض لا من هو في الجو.
رد اتهامات
من جهة أخرى، يقول المحلل العسكري فايز الأسمر إن تصريحات رئيس الأركان الروسية تتهم القوات البرية للنظام والمتحالفين معه بالجبن والضعف أمام قوات المعارضة، وبدت تصريحات نصر الله أقرب إلى الرد على ذلك الاتهام.
ويرى الأسمر أن خطاب حزب الله وتصريحات الروس أقرب إلى الإعلان عن معركة حلب، وقد تأخرت كثيرا بسبب ما أبداهجيش الفتح التابع للمعارضة من قوة وتنسيق، إذ تمكن من امتصاص الصدمة الأولى للتدخل العسكري للروس رغم طبيعة الأسلحة التي استخدموها.
ويقول الكاتب وعضو الائتلاف الوطني السوري خطيب بدلة إن حديث نصر الله عن محاربة الإرهاب تصريح غير مقبول من حزب صنفته الجامعة العربية منظمة إرهابية، وهو حزب يرسل مسلحيه إلى بلد مجاور لقتل المدنيين ودعم نظام إرهابي.
ويرى بدلة أن “صراعا خفيا حول النفوذ يجري بين حلفاء النظام، وآخر تجلياته امتناع الروس عن تأمين غطاء جوي للقوات الإيرانية وحزب الله والمليشيات العراقية الداعمة للنظام على الأرض، إذ يريد الروس تأمين مصالح اقتصادية في سوريا، بينما تسعى إيران لتصدير مشروع طائفي”.