على أصوات متقطعة وصور غير واضحة ونحيب أناس شتى، استفاق راغب الشاب العشريني بعد أن أجريت له عملية داخل العناية المركزة إثر حادث أليم، نتيجة اصطدام حافلة الركاب التي كان يستقلها قاصداً جامعته، دخل الطبيب ليصرخ راغب مستنجداً به “دخيلك يادكتور بدي رجلي”… دموع تتقاطر على وجنتي راغب وآلام تعتصر قلبه، تموت كل رغبات النجاح والحياة أمام عينيه البنيتين، فالواقع أصبح مريرا وهو الآن بقدم واحدة وقدم أخرى لايشعر بها …
يخرج راغب عام ٢٠١٤ من المشفى على كرسي متحرك بقدم واحدة، وبموت آمال لتحقيق التخرج من كلية الآداب وضياع طموح بإكمال الدراسات العليا قاصداً بلدته قلعة المضيق، بفكرة تسيطر عليه بأنه عاجز عن التفكير والتقدم ..
مشاعر توّاقة للانهزام في ظل حالة راغب الجسدية، وتفكير متعب حول مستقبل مبهم ممزوج باليأس والتعب، بعد أن كان الحلم كبير والإعجاز هدف حقيقي يصبُ إليه راغب، لكن إعاقته شلّت تفكيره وقيدت حركته وحطمت طموحاته..
الإحباط فقط هو من يعيق الوصول إلى الهدف وتحقيق الأمل، أما الإعاقة فهي حجة لمن لايريد أن يصل، وإن تعثرتَ مرة وأنت تحاول الوصول حتماً ستكون أعظم ناجح في التاريخ، فلن يفشل أبدا من يكرر محاولاته فالحياة لاتروق إلا للمحاربين، فإن لم تكن صاحب إرادة لمحاربة الظروف والمواقف الصعبة فلن تقف على عتبة النجاح وتحقيق الأحلام …
أطلق راغب لروحه العنان بعد أن كانت محبوسة في عقل محدود الأفق، وزرع في كيانه بذور مستقبل واعد وجسّد فكرة أن الإنسان مادام حياً يستطيع أن يصنع المعجزات، وأن يكون عظيم مادام يملك الروح الصادقة، فالعجز الحقيقي هو أن تقيد عقلك وتكبّل روحك أما عجز الجسد فأمره دوما سهل …
وبعد مرور سنة من الحادث والإصابة كان لابد من عودة قوية لخضم الحياة، والانتقال من واقع مرير مع بزوغ ذرات الأمل وروح التفوق، بدعم الأهل والأصدقاء ، وبهمةٍ وعزمٍ بلغ راغب مالم يستطع الأسوياء بلوغه، وتخرج من كلية الآداب وجعل من إعاقته حياةً وحافزاً للتطور وإكمال الدراسات العليا..
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع