محمد كناص-غازي عنتاب
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات تقدمت قوات النظام داخل خطوط الحصار شرق حلب، وسيطرت على أجزاء واسعة من حي مساكن هنانو، أول وأكبر الأحياء التي خرجت عن سيطرة النظام في يوليو/تموز 2012، الذي يعد من أهم أحياء المعارضة وسلة غذاء أحياء حلب أثناء الحصار، لوجود مساحات زراعية أعدت داخله وبين أبنيته المدمرة.
وأدى تقدم قوات النظام إلى حي هنانو أيضا إلى نزوح مركب، حيث تقطعت السبل بعشرات العائلات داخل أحياء الحصار، وسلمت بعض الأسر نفسها لقوات النظام ليبقى مصيرها مجهولا.
ويرى محللون أن سقوط تلك الأجزاء من هنانو بيد النظام هو بداية انهيار أحجار الدومينو، ومنهم من يرى أن للنظام خطة في تقسيم أحياء حلب المحاصرة إلى جزيرتين محاطتين بقواته والمليشيات الموالية له.
الأسمر رجح أن يعمد النظام إلى تقسيم أحياء حلب المحاصرة إلى محورين شمالي وجنوبي (الجزيرة) |
جزر محاصرة
يقول المحلل العسكري فايز الأسمر إن النظام سيقسم أحياء حلب المحاصرة إلى محورين شمالي وجنوبي، وسيجعل ضمن أحد أقواس الحصار أحياء الصاخور وكرم القاطرجي وجبل البدرو وصولا إلى منطقة سليمان الحلبي، وفي قوس آخر سيجعل بستان الباشا والهلك والشعار، ثم سيبدأ هجمات إشغال ومناورة عبر التحركات والنار، وذلك بهدف التعمية عن الهجوم الحقيقي لقواته.
ويضيف الأسمر أن النظام سيعمل في الأيام القادمة على استنزاف مقاتلي المعارضة ويحصرهم شيئا فشيئا في حيين أو ثلاثة.
ووفق هذا السيناريو المتوقع والواقع السيئ لقوات المعارضة في حلب يقول الأسمر إن الخيارات أمامها باتت محدودة، أولها أن تعمل قوات جيش الفتح خارج طوق الحصار على فكه من جديد حتى لا تستنزف القوات المحاصرة في الداخل، وفي هذا السياق على قوات جيش الفتح ألا تقع في أخطائها السابقة، وهي التوقف والبطء بعد كل تقدم لها.
ويرى الأسمر أن قوات المعارضة في الداخل أمامها تكتيك عسكري واحد، وهو السيطرة على الأحياء بأقل عدد من المقاتلين، والاقتصاد في الذخيرة، والاعتماد على سياسة الكمائن، ونشر القناصة لإعاقة تقدم القوات المهاجمة. ويتوقع الأسمر صمود أحياء المعارضة في حلب شهورا قليلة إن لم تصحح المعارضة أخطاء القتال والاستراتيجية العسكرية.
خطة إنسانية
إنسانيا في حلب تبدو الأوضاع كارثية، حيث يقول الدفاع المدني في أحياء المعارضة بمدينة حلب إن حملة القصف المستمرة لقوات النظام على منازل المدنيين منذ أكثر من عشرة أيام أدت إلى مقتل 500 مدني وإصابة 1500 آخرين.
في هذا السياق أبدى وليد أبو بكر -وهو قائد عسكري في فرقة السلطان مراد التابعة للمعارضة- قبولا لما كان قد طرحه مكتب الأمم المتحدة في جنيف كمسودة خطة لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمدنيين في مدينة حلب على أطراف الصراع.
وتقضي الخطة الأممية بإدخال المساعدات الطبية العاجلة من قبل الأمم المتحدة عبر الهلال الأحمر والصليب الأحمر الدولي، وإجلاء الجرحى والمرضى مع عائلاتهم إلى الوجهة التي يختارونها، وتسليم مواد غذائية وإغاثية عاجلة تكفي لـ150 ألف شخص، وذلك رغم أن التقديرات تشير إلى أن عدد السكان في هذا الجزء من حلب يربو على 275 ألف شخص.
ويرى القيادي أبو بكر أن النظام لا يريد مساعدة المدنيين في حلب المحاصرة، وقال “هذا تحفظنا الوحيد على هذه الخطة التي ستخفف بكل تأكيد من معاناة أهل حلب”.