ظلَّ أحمد ومريم يتواعدان على مواصلة حبهما والسير عليه حتى النهاية، يقسمان على أن يجتمعا على الحلوة والمرة، وأن يكونا خير زوجين جمعتهما الأيام، وما يقوي حبهما قرابةٌ تجمعهما، كيف لا وهما أبناءُ عمومة.
تقول مريم ذات الثلاثة وعشرين عاماً بحرقة وخيبة “سبعٌ سنواتٍ من عمري ضاعت هباء، الجميع يسيرونَ إلى الأمام إلا أنا وقفتُ عند ذلك التاريخ الذي جاء فيه أحمد وقال لي أعتذر، لن نستطيع الإكمال سوياً، أهلي يريدون أن أتزوج ابنة عمي لينا، ولم يقبلوا بك لأسباب تعرفينها، حاولت كثيراً معهم لكن دون جدوى”
ظلّت مريم تحبُ ابن عمها أحمد ذو الخمسة وعشرون عاماً لمدة سبع سنوات، ورغم أن والديهما على خلاف كبير بسبب ميراث ومشاكل قديمة، إلا أنهما رفضا تلك المشاكل وعاشا الحب سوياً ليكونا ضد الظروف ومتحدين لتلك العقبة الكبيرة.
كان أحمد يعمل في أرض والده بريف حماة الشمالي بالزراعة، ومريم تعلمت الخياطة على صغر لتصبح من أمهر الخياطات وتصبح ذات سيط ولديها زبائن كثر في تلك المصلحة، يعمل كل منهما في مصلحته ويلتقيان سوياً بشكل شبه يومي سراً وخيفةً من غضب أهلهما.
تحكي مريم عن تلك السنين وتقول “انتظرته سبع سنوات، كنت أعمل وأعيش مع والداي، وبشكل شبه يومي يأتِ أناسٌ ليتقدموا لخطبتي من أهلي لكنني أرفض، أرفض بشدةٍ لأنني أحب أحمد ولا أتخيل نفسي بدونه، كيف لا وهو الحبيبُ القريب من ظللت في حبه سبع سنوات، واعتقدنا أن ذلك سيجلب نتيجة إيجابية لنا ويوافق أهلنا على زواجنا”
في إحدى الأيام جاء أحمد للقاء مريم، كان حزيناً مطأطأ الرأس وفي عينيه ألف غصةٍ وحكاية، وقال لها “أبي خيرني بينه وبينك، وقال أنه سيغضب عليَّ ويحرمني من حقوقي، وهذا الكلام سمعته أيضاً من والديكِ، علينا أن نكون واقعيين ونرضخ للأمر الواقع، علينا الابتعاد عن بعضنا”
تبكي مريم بحرقة تلك الأثناء، تقول “أضعت عمري من أجلك وضحيت بوقتي وزهوة شبابي واليوم تأتِ لتقول هكذا؟، بالله عليك هل أنت بوعيك، لقد خذلتني خذلان العمر وتركت بداخلي أوجاعاً لا تشفى” ومن تلك اللحظة دخلت مريم في صدمة نفسية وأزمات صعب عليها التخلص منها.
بعد فترة قصيرة، تزوج أحمد من لينا ابنة عمه ذات الخمسة عشر عاماً، وظلت مريم وحيدةً تبتعد عن الجميع إلى أن جاء من يطلبها وأصبح زوجها اليوم، لكنها كانت ترفض بشكل تام تلك الخطبة وتقول أنها غير منطقية.
وتضيف مريم “صحيح أنني أضعت من عمري سبع سنوات، لكن خطبني من هو أصغر مني بسبع سنين، عبدالله تقدم لخطبتي وهو ابن بلدة مجاورة لكنني رفضت، قلت له أن الواقع والمجتمع لا يتقبل الزواج بفارق عمر كبير بين شب وفتاة، لكنه القدر غلبني وأصبحت زوجةً له ولديَّ اليوم أربعة أطفال”
مريم اليوم التفتت لحياتها، تعيش مع زوجها وأولادها وتستمر بعمل الخياطة، أصبحت تملك مشغلاً ومعرضاً كبيراً، كان الوصل لما هو عليه اليوم صعبٌ للغاية، تقول أنها لم تنسَ أبداً شعور الخذلان وأوجاع الفراق ولن تناساها، لكنها ستستمر بحياتها وتعيش مع عائلتها بكل حب، وأنها ستظل تلوم أحمد الذي هو بنظرها لم يكن على قدر المسؤولية والحب.
للمزيد من قراءة القصص الخبرية اضغط هنا.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع