“كنت مدللة كتير، وحيدة على أربع شباب ويلي بدي إياه بساويه والكل ينفذ طلباتي وبده رضاتي”، بتلك العيون اللامعة تستذكر أمل ذات الأربعين عاماً أيام شبابها وحياةً عاشتها في منزل أهلها في ريف إدلب الجنوبي.
كبرت أمل أكثر وأصبحت طالبةً جامعية في كلية الآداب لتدرس اللغة العربية في حلب، وبعد أعوام الدراسة التي مرت سريعاً كما تقول تخرجت عام 2008 وبدأت قصة زواجها الأولى التي لم تدم طويلاً لكنها كانت كألف عام لما حملته من قهر.
تقول أمل “تزوجت مكرهة بعدما أجبرني أخي على الزواج من حسين لأجل المال، شقيقي كان مادياً بعض الشيء، وأنا كنت الضحية” لم تدم تلك الزيجة سوى ستة أشهر، كان حسين متخلفاً بحسب نظرة أمل له، يحرمها من الاختلاط بالبشر وحتى أن تؤدي مهنتها في التعليم.
لم تحتمل أمل تلك الحالة لتطلب الطلاق منه وتتحرر من كل تلك القيود، وبحرقة تقول “كان يحرمني الخروج من المنزل، ويظن بي ظن السوء، وأنا كنت أحاول أن أسايره وأحافظ على زواجي وبيتي وأن لا أكون مطلقة بنظر مجتمعي الذي سينظر لي بالسوء، لكن في النهاية تطلقت ولم أسلم من النظرات السلبية حتى من أقرب الناس لي”.
انتقلت أمل للعيش في تركيا مع شقيقها الأكبر وعائلته بعد اندلاع الثورة، تلك الهجرة حملت متاعب عدة عدا عن غربة الوطن مضايقات زوجة أخيها، وتقول أمل “كانت معاملتها قاسية، تشعرني بالغصة في كل يوم وتضايقني بشكل كبير، لم احتمل وانتقلت للعيش مع عائلة أخي الثاني لكنني وجدت نفس المعاملة لأذهب أخيراً وأعيش لوحدي لأشعر ببعض الراحة”.
قررت أمل الهجرة لأوروبا والبحث عن حياة أفضل بعدما هاجرت عائلة أخيها إلى ألمانيا، وهناك بدأت بتأسيس حياتها فعملت وكونت رأس مال ومنزل وحياة مرفهة، وهنا تعرفت على شاب آخر تقدم لخطبتها وتزوجا لكن لم تجد حياةً زوجية أفضل من سابقتها.
“اللي ماله حظ لا يتعب ولا يشقى” هكذا تقول أمل وهي تروي بعض أحداث عاشتها خلال فترة زواجها من “عدنان” وتضيف “كان كالملاك بداية معرفتي به، يخبرني أنه مهندس ومثقف هادئ وحنون، لكن بعد الزواج اكتشفت العكس، كان مخادعاً ودجالا معظم وقته في البارات يشرب الكحول وفي المنزل عصبي جداً لدرجة لم أتحملها”.
تطلقت أمل للمرة الثانية، وهنا قررت أنها الحياة الزوجية الأخيرة التي تعيشها “جربت حظي وخلص، الحمد لله شغلي ماشي وحياتي حلوة مارح نكدها بالزواج مرة تانية، واليوم صار عمري قريب الأربعين سنة وبكفيني يلي شفته” ربما يئست أمل من ما شاهدته في الزواجين، وبالتأكيد لم تقرر ذلك إلا بعدما عانت الأمرين.
لقراءة تقريرحول سرقة أملاك السوريين في حلب اضغط هنا
تعمل أمل اليوم كاتبة صحفية في مجلة ألمانية، لها عملها الخاص وشأنها في الحياة هناك، وتؤكد على أنها تعيش في سعادة عارمة وكما تقول “تذوقت طعم حلو الحياة الآن، أنا حرة من قيود المجتمع ونظراته السلبية، لي مكانتي وعملي واستقلاليتي، ورغم أني خرجت إلى ألمانيا دون مرضاة أهلي في البداية إلا أنني ارتحت هنا كثيراً وتغلبت على الكثير من العقبات”.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع