هجّر النظام السوري شعبه، وشرّدهم على الحدود الداخلية للبلاد، ومنهم من تجاوز الحدود لبلدانٍ أخرى، فحملوا عاداتهم مع أمتعتهم، وتبادلوا الثقافات مع الشعوب المضيفة، فلكلّ طقس عاداته في العيد، والحصاد، والموت، والأعراس.
العرس:
أجمعوا في مختلف المناطق السورية على بداية وإعلان عقد النكاح، واختلفت المناطق في عاداتها وتفاصيلها، ثقافة تناقلتها أجيال، اعتبرها كل شعب بمثابة بصمة لهم، فالعرس في بعض المناطق يمتدّ لأيام وفي أخرى يختصر بليلة.
عرس بنكهة النزوح
العريس “هشام” شاب من ريف معرّة النعمان الشرقي، يسكن شمالي حلب في قرية صوران، ويقول أبو هشام “طالت غربتنا، والحياة ستستمرّ، وكبر الولد وصار رجلاً فلا بدّ من الزواج، ما ينغّصنا الشتات، كانت تجتمع قريتنا بكل رجالها ونسائها في فرح، اليوم لا نعتب بسبب الشتات ولكنّها غصّة، وما يواسينا مشاركة أهالي البلدة أفراحنا، ولكن لاحظنا اختلافا في العادات، فنحن نختم عرسنا ب”الصباحية”.
الصباحية:
وهي الفترة الصباحية التي تلي ليلة العرس، يتوافد أقرباء العروسين وأصدقاؤهم للتهنئة، ولها طقوسها الخاصّة، فيقول أبو حميد من وجوه معرة النعمان”في هذه المنطقة لا يخصص يوم للصباحية، إلا أننا لا يمكن أن نترك هذه العادة، لما فيها من حفظ للتراث، وسلوكيات تترك في النفس أثر الأمل والمحبّة”
أمّا عن هذه العادات فقالت جدّة العريس”أوّل المهنئين أهل العروس، يأتون في الصباح الباكر، يهنئون ابنتهم وصهرهم و”ينقطون” العروسين، و”النقوط” هدية تذكارية، أو مبلغ مالي يعينهم في بداية حياتهم، وبعدها يرقص العروسين مع أهلهما” و تبدأ الأفراح.
الدبكة والأهازيج:
بعد أن يبارك أهل العروسين، لا بدّ أن يذهب العريس لمنزل أحد أقرابه، لاستقبال المهنئين، ولكن لا يخرج إلا بال ” سحجة”.
السحجة:
يتوسط العريس أخوته وأعمامه، ويسحبوه إلى دار قريبة من منزله، ولها أغانيها الخاصّة، فيقول “أبو أيهم” أهم أغاني “السحجة”,أغنية “الألف بي” ومنها هذا المقطع
“والخي خدودو ..تفاح الشامي وبعودو.. نتّر جعودو… على الكتفين ولاياح
والسين سنونو ….لضم لولو ومرجانو
ويا عيني عيونو… شقد شهل وملاياح”
الدبكات والرقصات:
ويتابع “أبو أيهم” وبعد أن يصل العريس، يأخذ مكاناً لائقاً في صدر الغرفة، يدخل المهنئون فيقولون “بالرفاه والبنين” ، يصافحهم ويرد عليهم “العقبى عندكم”
ويبدأ الوافدون رقصة الصباحية، وتكون بالمناديل، ريثما يجتمع أكبر عدد من الحضور، لتبدأ دبكة خاصة بالصباحيّة، وهي دبكة “العدّاويات”.
العدّاويات: تتشابك الأيادي، لتشكل دائرة كاملة يتوسطها، رجل بصوت جهور، يلقي أغنية يجب أن تكون من تأليف شعراء المنطقة ذاتها، وغالباً ما يكون موضوعها في النقد الاجتماعي فيقول الشاعر الشعبي “أبو علي”
“أهم ما يتردد عداوية “الحمايات”، وهي قصيد شعبي، ترصد حالات الجدال الغير منتهي بين “الحماية والكنّة”.
ومنها”
“يا قلب صنّف وهات .. على فصول الحمايات
واحد ياخدلو وحدة. . .العيشة معها مو لدة
ما تقعدلا شي مدّة. لتصير تألف القالات”
أم العريس المشغولة دائما
وتطوف حلقات الدبكات، وتهتز الاكتاف في ميدان الرقص، وتبقى أم العريس مشغولة، بتحضير وليمة العرس.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/444799267093140
الوليمة:
تقول”أم مهنّد”، هناك نساء مختصّات بطبخ الوليمة، وتأخذ أمّ العريس وبضع الصبايا معها دور مساعدة الطباخات، وتتعلم من الطباخة الرئيسية بعض الأمور، لتستمر الحياة وتتجدد الطبخات، وغالبا ما يطبخ بإيقاد نار نظراً، لكمية الطبخ واللحم الكبيرة.
إعلان النهاية
ينتهي الحفل بعد أن ينتهي الشاعر من قصائده، فيطلب من المتمحلقين حوله التوقف، ويرمي بمنديله على والد العريس، وهذا ما يتعارف عليه طلب بيت من العتابا،
فيصيح والد العريس بيتاً وغالبا ما يدل على الترحيب:
“صباح الخير يا وجوها أهلّت
والخير فيها والسموحة أهلت
ويا شباب أنا فيكم أهّلت
وبخير الله تفضلوا على الطياب”
عادل الأحمد/ تقرير اجتماعي