بينما تُحكم قوات النظام السوري حصارها على المناطق الخارجة عن سيطرتها، يتولى ضباط النخبة في الفرقة الرابعة في محيط المناطق الموقعة على اتفاقيات “تهدئة” قرب دمشق تجارة مربحة تعود عليهم بملايين الليرات السورية في اليوم الواحد، وفق نشطاء في المنطقة.
وذكر محمد أبو إسماعيل، وهو أحد أعضاء لجان التفاوض في ريف دمشق، أن الضباط المسؤولين عن الحواجز العسكرية يقومون بإجبار تجار تلك المناطق على الشراء حصراً من محلات معينة في أسواق دمشق، مع منع إدخال أي بضائع لا تحمل فواتير تلك المحلات.
وأوضح أبو إسماعيل أن ضباط الفرقة الرابعة في قوات الأسد؛ يعمدون إلى انتقاء أشخاص من داخل كل بلدة، وإعطائهم وكالات حصرية لشراء وإدخال نوع محدد من المواد الأساسية، وبعد ذلك يتم إرسالهم إلى محلات يملكها أشخاص مرتبطون بهؤلاء الضباط؛ لشراء المواد منها حصرا، بعد اتفاق أبرمه الضباط مع تلك المحلات التي تعود لشخصيات إيرانية أو لبنانية.
وقال أبو إسماعيل لـ”عربي21“: “ضباط الفرقة الرابعة يحصلون يومياً على ملايين الليرات، وطريقة ربحهم تتم على مرحلتين، يقوم التاجر الشيعي ببيع تجار المناطق المحاصرة المواد بضعفين أو ثلاثة عن السعر العام في دمشق، وكل ليرة تزيد عن السعر المعتمد في دمشق تعود إلى الضابط المسؤول عن هذا النوع من الأغذية”.
وبيّن أنه عند إتمام عملية الشراء والتوجه نحو المدينة المحاصرة والمهادنة؛ يقوم المناوب على الحاجز العسكري بأخذ إتاوات مالية على المواد التي يتم إدخالها، وتقدر بمئات آلاف الليرات على السيارة الواحدة.
بدوره، قال فادي أبو فارس، وهو صاحب أحد المحلات التجارية، إن “ضباط الفرقة الرابعة ينتدبون تجارا يعتبرون ميالين إليهم في كل بلدة، ويقومون بتسليم كل تاجر صنفا غذائيا معينا، ويُمنعون من إدخال أي صنف غيره”.
وأوضح أن “أي صنف يصل إلى المناطق المحاصرة والمهادنة مع النظام يصبح سعره أكثر من خمسة أضعاف عن سعره الطبيعي خارج أسوار الحصار، وطبعا كل هذه الفروق المالية تعود للجيوب الخاصة بضباط الفرقة الرابعة”.
وأشار فادي في حديث مع “عربي21” إلى أن أكثر التجارات التي تدر ملايين الليرات على ضباط الفرقة الرابعة هي السجائر، حيث يصل سعرها في بعض الأحيان إلى 6 آلاف ليرة سورية للعلبة الواحدة، وتأتي بعدها الخضار التي يصل سعرها إلى ما يزيد عن ستة أو سبعة أضعاف سعرها المرتفع أصلا، وقد قام عدد من أولئك الضباط بفتح محلات، وخصوصا لبيع السجائر، للاستفادة من الحصار والتجارة على هامشه.
وذكر فادي، المفاوض والتاجر، أن البضائع والمواد متوفرة في قسم كبير من المدن المهادنة مع النظام، ولكن نسبة 75 في المئة من إجمالي المدنيين غير قادرين على شراء كميات قليلة منها، بسبب ارتفاع أسعارها إلى أرقام لا يمكنهم تحملها، “خاصة مع التعاون الكبير بين تجار الحرب في هذه المناطق وبين ضباط الفرقة الرابعة، فكلا الجانبين يتوافقان على الربح وكسب المال”.
وأوضح أن “بعض تجار الحرب باتوا يملكون أيضا ثروات فلكية لم يكونوا يحلمون بها قبل الحصار، ولكن ضباط الفرقة الرابعة هم ومن حولهم أغرقوهم بحب المال والتجارة، من خلال التناغم مع سياسة ضباط الفرقة الرابعة”، على حد وصفه.
وأشار المصدر إلى أن ضباط الفرقة الرابعة باتوا أيضا يأخذون نسبة من تصريف العملة من الدولار الأمريكي للسوري، حيث إن تجار الحرب يقومون بتصريف الأموال الداخلة من الخارج لتلك المناطق إلى الليرة السورية، ولكن بنسبة فائدة تجاوزت 20 في المئة من الكمية، فإذا أراد أي سوري تصريف 100 دولار يقوم التجار بتصريفها له، ولكن على أنها 80 دولارا وليس 100، والعشرون دولارا الفرق يتم تقاسمها بين التاجر وضابط الفرقة الرابعة”، وفق تأكيده.
عربي 21