حميدة ذات الخامس والأربعين عاماً، أضربت عن الزواج وبقيت عازبة خادمة لأختيها المعاقتين و أمها المريضة .
فبالإضافة للطلاق والترمل، هناك مشكلة العنوسة إحدى المشاكل التي تتعرض لها النساء في مجتمعنا اليوم، كنتيجة حتمية للظروف التي نمر بها .
فمن عدم الاستقرار بالسكن وصولاً للنزوح والتهجير وارتفاع نسبة البطالة، كل ذلك كان أسباباً مباشرة لارتفاع عدد الأرامل والمطلقات وعزوف الشباب عن الزواج .
و تعد العنوسة من أبرز المشاكل التي تعاني منها الفتيات في مجتمعنا، و حيمدة العيسى مثال من حالات كثيرة ولعلها الأشد تأثيراً، فهي تختلف عن باقي الفتيات، فقد رفضت فكرة الزواج لظروف خاصة تمر بها .
حميدة مثلها مثل أي فتاة تحلم بالثوب الأبيض يحملها من الواقع الذي تعيش فيه إلى جنة ولو في الحلم، لكن ما تمر به من ظروف صحية لأختيها المعاقتين وأمها المريضة، جعل حلمها بعيد المنال .
هي من بلدة القرقور التابعة لمنطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، والتي تشهد قصفا همجياً من قبل قوات النظام وحلفائه، مما اضطرها للنزوح هي و أختها المعاقة وأمها المريضة .
حميدة هي من تقوم برعاية أختها و تلبي كل احتياجاتها من إطعامها و إلباسها الثياب وقضاء حاجتها و الحمام، وكل شيء يخص المرء، يضاف إلى ذلك تدهور صحة أمها العجوز التي تعاني من أمراض عدة مثل الضغط والرمل في المرارة وغيرها من أمراض الشيخوخة .
و يضاف إلى مسؤوليتها تلك حاجتها لمصدر دخل مادي ولذلك حميدة تقوم بالعمل خارج البيت في حقول البطاطا والحصاد وكل أعمال تجدها من أجل أن تسد رمق الأسرة الفقيرة المهجرة .
ومثل أي فتاة تجلس حميدة تشاهد الأطفال و تشعر بالرغبة أن تكون أماً تحمل أطفالها بين ذراعيها ويكونوا لها سنداً عند تقدمها بالعمر، لكن أحلامها تتلاشى مع قسوة الواقع .
خواطر تجول في أفكارها لو أنها تزوجت، لو أن لها رجلاً تسند رأسها على كتفه في وقت المحن، لكن الشعور بالمسؤولية تجاه أختها المريضة وأمها وما ترتجيه من ثواب من عند الله نتيجة صبرها وتضحيتها ما يجعلها تكابر و تصبر و تتابع في مشوارها مع أختها و أمها .
مشاكل الحياة كثيرة و تكاليف الحياة تزداد يوماً بعد يوم و النزوح والتهجير زاد الطين بلة، فهل تجد من يمد لها يد المساعدة ويحمل معها جزءاً من هذه الهموم الكبيرة ؟ سؤال يطرح نفسه على واقع يصعب على الخيال تصوره .
المركز الصحفي السوري _ رنا ملحم