الاتصالات هي عصب حياة البشر، وهي المحرك الأول للاقتصاد، والدينمو الدافع له في الشمال السوري المحرر .
كان لا بد من البحث عن بدائل لإنقاذ المنطقة من خطر الانعزال الكلي عن العالم، فكانت شركات الإنترنت البديل الأسرع والأكثر جدوى للناس، بسرعة البرق بدأت تظهر أسماء متنوعة لشركات تستقدم الإنترنت من تركيا، وتعتمد في نشرها على أبراج يتم تركيبها داخل المناطق المستهدفة بالمشاريع.
شركة “مترو” لصاحبها إبراهيم الأبرص، شركة إنترنت ريادية في الشمال السوري المحرر، التقينا بالسيد الأبرص ليحدثنا عن شركته، وتناولنا الموضوع معه من خلال ثلاث جوانب وهي تاريخ شبكات الإنترنت منذ عام 2013، وفي الجانب الثاني واقع الإنترنت الحالي، وعن المصاعب التي تواجهها خدمة الإنترنت حتى اليوم، في الجانب الثالث.
البداية مع تاريخ الإنترنت في المناطق المحررة، حيث حدّثنا “الأبرص” عن بدايات شركته، كيف انطلق بتأسيس الشركة على مستوى ضيق في بدايات عام 2012 وذلك بالاعتماد الكلي على نظام التوي، “الأقمار الصناعية الأمريكية” ولكن سرعان ما أثبتت فشلها بسبب ضعف بث الإنترنت، ومشاكل تقنية أخرى تتصل بالدفع وتسديد الفواتير، يتابع قائلاً “الخيار كان بإيقاف العمل بنظام التوي والبحث عن نظام جديد للعمل، فكان التوجه الى الإنترنت التركي الأقرب والأرخص، والأكثر فاعلية”.
وكانت الإنطلاقة الفعلية لشركة مترو في الشهر الثالث من عام 2015 من خلال استجلاب خط مباشر من تركيا ليتم تركيبه في جبل الأربعين، وفي عام 2015 تم تركيب الشبكة بشكل كامل بعد مرورها بمراحل عمل مختلفة ، كانت أول قرية وهي “كفرلاتا” القرية الأقرب للبرج، بعد نجاح تجربة قرية كفرلاتا واستخدام الشبكة لمدة شهر، بدأ التوسع باتجاه القرى المحيطة والمجاورة لها، وتم الانتقال إلى معرطبعه، ومعرزاف بدورة، وسرجه وصولا ل بنين.
وبعد فترةٍ، تطور العمل وبدأت شركة مترو بتوزيع الخدمة على مستويين ؛ المستوى الأول خطوط جملة والمستوى الثاني خطوط مفرق.
الأول يستهدف أصحاب الصالات والمطاعم وغيرها فسميت بشبكة “تليكوم”، وكان لها سيرفرات خاصة بها بجودة ممتازة وسرعة إنترنت معتبرة، وكانت في ذلك الوقت من أحدث السيرفرات الموجودة في السوق، حيث إن السيرفر الواحد يكلف 1600$ كان ذلك في عام 2016 .
أما المستوى الثاني، أو ما يدعى بالمفرق، فيقصد به المشتركون العاديون، من خلال بطاقات إنترنت يشتريها الزبون من خلال مراكز بيع معتمدة أو بقاليات، وفي عام 2017 تم توسيع مساحة التغطية لشبكة ميترو إلى مدينة معرة النعمان واستمر الوضع حتى المعارك الأخيرة، وتقدم النظام إلى سراقب والمعرة.
بعد ذلك انتقلنا للجانب الثاني من حوارنا وسألناه عن الوضع الراهن للشبكة فقال:
“عندما وصل جيش النظام الى مدينة سراقب وسقطت المدينة، تدمرت معظم الأبراج وتراجعت التغطية، وبعد اتفاق الهدنة الساري المفعول حتى الآن، عادت الشركة لمد أبراج تغذية جديدة وتم تركيب أول برج في منطقة أريحا وجبل الأربعين.
حاليا عادت الشبكة للعمل ولكن ليس بالوتيرة الأولى وأغلب تركيزها على مستوى قطاع الجملة وليس المفرق .
أما الجانب الأخير من حوارنا مع السيد الأبرص كان عن أبرز صعوبات العمل التي تواجهه فقال:
” أبرز المشاكل هي تأمين قطع الغيار وإصلاح أعطال الشبكة والحالة الجوية السيئة، خصوصاً في فصل الشتاء، وتجدد المعارك وقصف الأبراج، إضافةً لحالات السرقة المتعمدة”
يمكننا أن نلحظ من خلال هذه المعلومات، التي قدمها لنا مدير ومشرف إحدى أهم شركات الإنترنت في إدلب، الواقع المرير والوضع الصعب الذي عاشته وتعيشة الاتصالات في المناطق المحررة، وتأثرها بشكل مباشر بواقع الحرب وتقلبات السياسة.
بقلم ضياء عسود