في ظهر يوم هادئ، تحولت نزهة عائلية إلى مأساة مروعة في أحد شوارع دمشق، فبينما كانت جودي، الفتاة ذات الثمانية عشر ربيعًا، تعبر الطريق برفقة أسرتها متجهة نحو الحديقة، انقضت عليها سيارة مسرعة يقودها ضابط بتهور جنوني، لتصدمها بقوة وتلقي بجسدها أمتارًا في الهواء، وسط صرخات المارة وعائلتها المذهولة
لم يتوقف الضابط لتقديم أي إسعاف، بل فرّ هاربًا، تاركًا الفتاة غارقة في دمائها
كانت جودي معروفة بين أصدقائها بجمالها البسيط، شعرها الأشقر الطويل وعيناها الخضراوان، وكانت تحلم بالتخرج من الثانوية العامة والبدء بفصل جديد من حياتها، حيث كانت تستعد لخطوبتها من زميلها أحمد، الذي أحبها منذ أيام الدراسة الإعدادية
حين وصله خبر الحادث، ترك أحمد عمله وهرع إلى المستشفى، وهناك وجد جودي بين أجهزة العناية المشددة، نصف جسدها محطّم، والآخر مثقل بالأسياخ الطبية، اقترب منها محاولًا أن يخفف عنها، وهمس بصوت مرتجف وكأنه يناجي قلبها :
“رح آخد حقك يا زهرتي.. ما رح اتركه يفلت من عملته، كنا ناطرين أيام حلوة، وبدي بنتي تجي حلوة متلك”
رسمت جودي ابتسامة شاحبة رغم الألم، لكنها كانت ابتسامتها الأخيرة
فبعد دقائق، انطلق صوت جهاز القلب معلنًا التوقف، ليسقط أحمد على الأرض وهو يحاول إنعاشها بلا جدوى، بينما عمّت الغرفة حالة من الانهيار والبكاء
ورغم وضوح الجريمة ووجود الشهود، أُغلق ملف الحادث تحت بند “قضاء وقدر” بقرار فوقي، تاركًا الضابط حرًا دون محاسبة،
هذا القرار أثار موجة غضب واسعة بين أهل الفتاة وأصدقائها، الذين طالبوا بتحقيق عادل ومحاسبة المتسبب، لكن أصواتهم خُنقت تحت ثقل النفوذ
أما أحمد، الذي كان يحلم بمستقبل يجمعه بجودي، فقد انكسر تمامًا، يعيش اليوم في عزلة صامتة، لا يتحدث ولا يعمل، يقتات على ذكرياتها فقط. تقول شقيقته بأسى :
“من يوم الحادث، أحمد ما عاد نفسه.. صار يعيش على صورتها وذكراها، كأنه فقد روحه معها”
قصة جودي وأحمد ليست مجرد مأساة حب انتهت بدموع، بل هي صورة مؤلمة لواقع يعلو فيه صوت القوة على القانون، حيث تُدفن العدالة وتُترك القلوب مكسورة بلا إنصاف