يوماً بعد يوم يتم كشف النقاب عن العديد من مقاطع الفيديو المصورة الآتية من العراق, والتي توثق انتهاكات مخيفة بحق المواطنين العراقيين “السنة” تمارسها عناصر مليشيات ما يعرف بالحشد الشعبي العراقي الطائفي النهج والذي تدعمه الحكومة العراقية بشكل علني ويغطي جرائمه البرلمان العراقي, وتبارك وجوده واستمراره دولة “الولي الفقيه” في إيران, ومع كل ذلك ترتفع أصوات طائفية داخل البرلمان العراقي لتقترح عدم مساءلة عناصر الحشد الشعبي “الشيعي” عن الفظائع والجرائم التي ارتكبوها بحق الأبرياء وخصوصاً في معارك الموصل الأخيرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
عشرات المشاهد المسربة لانتهاكات مرعبة, تتحدث عن نفسها بنفسها, حيث يكون واضحاً فيها حجم “السادية” والشهوة بالتعذيب والقتل والسحل وممارسة التعذيب الوحشي, خصوصاً بحق المعتقلين الأبرياء الذين يتم إخفاؤهم قسراً فيما بعد سواء كانوا كباراً أم صغاراً, عدا عن ملف جرائم الاغتصاب بحق النساء العراقيات.
أين “الحكومة” من هذه المشاهد؟
المشاهد التي تتكشف يوماً بعد يوم عن كم الحجم الهائل من الانتهاكات التي تقوم بها مليشيات الحشد الشعبي في العراق, ليست سوى إسقاطات نفسية طائفية تحكم السلوك اللاإنساني لمثل هؤلاء الطائفيين الغوغائيين بمشاهد موثقة وواضحة وضوح الشمس, لذلك نحن الآن بدون أدنى شك أمام مشهد لقاتل ومقتول من خلال جريمة بشعة لديها أركانها القائمة.
فهذه الأفلام إن تم جمعها وعرضها في جميع المحافل الدولية لحقوق الإنسان وللأمم المتحدة, ولكل الإتحادات التي تعنى بشؤون الإنسان, ومنها ما يعرف “بالحكومة” العراقية, ستكون ادلة دامغة من المفترض أن يتعامل الجميع مع مرتكبيها كمجرمي حرب, فهذه حقوق للمواطنين يتم التفريط وانتهاكها من قبل عصابات طائفية “شاذة” أضفت عليها حكومة “حيدر العبادي” صفة عسكرية رسمية وألبست عناصرها الحاقدين بزات عسكرية ليقوموا بأعمال القتل والتعذيب والترحيل بحق المواطنين الأبرياء من منطلق عقدي طائفي.
المجتمع العراقي والحقوق:
المجتمع العراقي الذي تغلب عليه النزعة القبلية والعشائرية حتى اليوم, كان يتميز سابقاً بكونه مجتمع حقوق, بمعنى آخر هو مجتمع يتم احترام الحقوق فيه نتيجة البنية الخاصة العشائرية, فحقوق القتل والإعتداء, من الناحية الاجتماعية والعشائرية في مجتمع عشائري كانت محكومة سابقاُ بما يعرف الدية..
أما اليوم فبعد أن نجحت إيران باستثمار الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م, والإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين ونظامه الحاكم, انحدر المستوى الأخلاقي لتحصيل الحقوق في العراق, البلد الذي بات محكوماً بشخصيات فاسدة تتلقى تعليماتها من طهران, وتنفذ مشروع كبير لتمدد الهلال الشيعي إلى المنطقة انطلاقاً من أراضيها, لذلك تمت عمليات غربلة واضحة لقوى الجيش والأمن لتصبح في أغلبها من لون طائفي واحد “شيعي”, فيما سقط اللون الطائفي الآخر الموازي “السني” ضحية لعلميات التهميش التي تطورت فيما بعد لصورة قريبة من التطهير العرقي والطائفي امام المجتمع الدولي الصامت, خصوصاً بعد أن ملكت الحكومة العراقية الحجة بدعم التحالف الدولي لها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية فتم تشكيل ما يعرف بالحشد الشعبي الذي تفنن بارتكاب المجازر التي يصمت عنها الجميع من أجل غايات مقصودة, حيث تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الصامتين, بل هي المسؤولة بالأساس عن تسليم العراق لحكومات فاسدة طائفية ذات نهج مليشياتي.
لذلك نقول أنه لا غرابة بوصول الجرأة عند بعض أعضاء ما يعرف بالبرلمان العراقي للاعتراف بجرائم التطهير العرقي التي يمارسها عناصر الحشد الشعبي بحق “العراقيين السنة” وطلب عدم مساءلتهم, لأن حكومة العبادي نفسها هي حكومة مبنية على أفكار “أبي عزرائيل”.. فلا شيء غريب!
المركز الصحفي العراقي – حازم الحلبي