“الشغل مو عيب، بعيش بتعبي ولا مد إيدي للناس” كلمة رددتها ثلاث أخوات لم تعجزهم الحرب وعثراتها من أن يبقين كتفاً واحداً لا يميل.
هل كان تدمير #مخيم_اليرموك ( #فلسطين ) مقصودا لتغيير هويته؟
تسرد الأخوات الثلاثة بعض التفاصيل التي حفرت في الصميم، لتبدأ هديل وهي الأصغر سناً بينهنّ قائلة “خرجنا من مدينة حلب والقصف من خلفنا والشظايا والدمار من حولنا، وصولاً لمحافظة إدلب وليس لدينا حتى قارورة ماء للشرب، أنهكنا الطريق، ذهبنا نحو المخيمات وطلبنا العون وجلسنا في خيمة ريثما نجد حلاً.
تكمل هديل حديثها واختلطت نبرتها بغصات فاقت عمرها “مرض والدي ونحن لا نملك قرشاً واحداً لنعالجه بمستشفى خاصة، وكلما ذهبنا للمستشفيات المجانية لا نجد فيها دوراً قريباً لنقص المعدّات فيها وكثرة أعداد المراجعين، وبعد الفحص والتحاليل أُسعف لمستشفى على الحدود التركية”.
“والله والدتي تنام على كرسي أمام المستشفى لأنها لا تملك أجر ليلة بفندق قريب ولا يسمح بالبقاء مع المريض، هنا قررت أن أعمل بداية عمل بأجرٍ بخس في محل لبيع البالة الأوربية أنا وأختي، علنا نستطيع تأمين شيء لنا ولوالدتي”.
هنا بدأت كلمات هديل كأنها تقضم العلقم وتبتلعه، قائلة “لم يكن الأجر يكفي شيئاً، فذهبنا نحو تنظيف البيوت وبدأنا العمل وليس باليد حيلة فمن لا يملك شهادة لن يلقى عملاً، وعلينا إعالة والدي المريض وأمي وأولاد أخي الأسير”.
شاركتنا الحديث كريمة التي توفي زوجها تاركاً لها طفلين، وهي في ربيع شبابها إلا أن ملامح الكبر والهم وثقل حملها جعلها تبدو أكبر بكثير، قائلة “أتممت العدة والآن أعمل مع أخواتي في تنظيف البيوت وطبخ الأطعمة وغيرها، لأجني مالاً لأطعم أولادي واقيهم من ألسنت الناس وحاجتهم، ولا أرى في عملي عيباً، فالعيب أن انتظر أحدهم يقدم لي بضع ليرات وهو يلتقط الصور”.
استمع للفتيات اللواتي يفضلن العمل ولا ينتظرن أن يقدم لهم أحد ليعيد لبيتهم قوامه، ويقمن بتربية أيتام طول النهار ويعدن في المساء إلى أحضان والدتهن، بعد وفاة والدهن”.
تختصر قصة هديل وأخواتها حجم المعاناة والمأساة التي خلفتها الحرب على كاهل النساء السوريات، والكثير مثلهن، فبحسب فريق استجابة سوريا، بلغ عدد النساء الأرامل من السوريات 46 ألفاً و302 امرأة، والعدد بازدياد مع استمرار الحرب ووصولها عامها العاشر.
بقلم: فاطمة براء
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع