تجاهل الإعلام التابع لنظام الأسد، توصيات ما يعرف باللجنة الدولية لاتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة والمعروفة اختصارا بـ”سيداو”، خصوصا البند المتعلق بمعاقبة مرتكبي جريمة العنف الجنسي من “جهات حكومية” وغير حكومية بطبيعة الحال.
فقد أعلنت، أخيراً، زينب حوى بانغورا، وهي ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة، والمعنية بالعنف الجنسي في حالات الصراع، كما يأتي تعريفها في صفحة الأمم المتحدة، بأن النظام السوري و”داعش” متورطان بجملة انتهاكات ضد المرأة، ومنها ممارسة العنف الجنسي ضد النساء!
وكانت “سيداو” قد أوصت في تقرير لها، جملة توصيات لما يتعلق بوضع المرأة الحالي، ومن جملة هذه التوصيات: “محاسبة كل من يمارس العنف ضد المرأة في حالة الحرب ولاسيما العنف الجنسي، ومن كل الأطراف الحكومية والتابعة لها والجماعات المسلحة غير الحكومية”.
فجرت مناقشة رسمية في سوريا، منذ أيام، لتوصيات لجنة “سيداو” والتي كانت قد طالبت بوضع جريمة الاغتصاب بخانة جرائم الحرب. إلا أن اللجنة حددت وجوب معاقبة الفاعلين سواء كانوا “حكوميين أو غير حكوميين”. وأغفل الإعلام الرسمي التابع لنظام الأسد، ما انتهى إليه النقاش في هذا البند تحديدا!
“أمّا بخصوص” ارتكابات أطراف حكومية للعنف الجنسي..
وتشير الأخبار المنشورة، وعلى كل وسائل الإعلام التابعة لنظام الأسد، صيغة مبتورة ناقصة الخبر، ولايُفهم منها ماهو الموقف المتخذ من توصيات “سيداو”. ويورد موقع “العربية.نت” الصيغة الناقصة والمبتورة التي اعتمدتها وسائل إعلام النظام السوري، والتي ورد فيها مناقشة بند معاقبة المرتكبين للاغتصاب حكوميين أو غير حكوميين، وهي بالشكل التالي: “أمّا بخصوص توصيات اللجنة الدولية “سيداو” حول ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة كل من يمارس العنف ضد المرأة في حالة الحرب ولاسيما العنف الجنسي، ومن كل الأطراف الحكومية والتابعة لها والجماعات المسلحة غير الحكومية”.

انتهت، هنا، وهكذا، الصيغة التي اعتمدها إعلام الأسد(!)
دون أن يعرف القارئ ماذا حصل في هذا البند، خصوصا أنه يبدأ بـ “أمّا بخصوص..”. وللمفارقة فإن ذات الصيغة الناقصة تكررت في كل الأخبار المنشورة في وسائل إعلام النظام السوري. إلا أن صيغة الخبر التي اعتمدتها الوكالة الرسمية “سانا” فلم تأت على ذكر البند على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد وكأنه لم يكن.
مشرّدات أم نازحات.. تسميتان ونظام واحد!
وجرى تلاعبٌ بالألفاظ، لدى مناقشة تقرير “سيداو” حيث عمل الموظفون التابعون للأسد، بطلب إبدال تسمية “مشردات” عن حال المرأة السورية، بتسمية “نازحات”. حيث علّقت “رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة” الدكتورة هديل الأسمر- والمعروفة بعلاقتها الشخصية القوية بأسرة رئيس النظام السوري- بأن تسمية “المشردات داخلياً” والتي تعتمدها “سيداو” لاتناسب “وضع النساء في سوريا”. مقترحة تسمية “النازحات” عوضا من المشرّدات المشار اليها.
علماً أن الفارق الأساسي، ما بين التسميتين، هو أن التشرّد ظاهرة اجتماعية، بصرف النظر عن الوضع السياسي أو العسكري، وقد يحدث بحروب أو من غير حروب. أما “النزوح” فهو تسمية مرتبطة حصريا بالنزاعات المسلحة والحروب.

القضاء في خدمة الأسد..
ورغبة منها في “تسييس” الموضوع خدمة لنظامها، قامت عميدة معهد القضاء العالي آمنة الشماط، وكما فعلت زميلتها الدكتورة هديل الأسمر رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة، وتدير إحدى المدارس التي يتلقى فيها أولاد الأسد تعليمهم، وقد حاول النظام سابقا إمرار ترشيح الدكتورة الأسمر في بعض مناصب الأمم المتحدة وفشل في ذلك، بتجيير موضوع الاغتصاب وموضوع التشرد والنزوح بأسره الى خصوم نظامها فاتهمتهم بأن مناطقهم هي التي تشهد حوادث العنف ضد المرأة: “اقتصر العنف ضد المرأة على المناطق الساخنة ومن المجموعات الارهابية”!
هذا هو سبب “قطع رقبة الخبر” المشار اليه بـ”أما بخصوص محاسبة الأطراف الحكومية وغير الحكومية ضد من يمارس العنف الجنسي ضد المرأة..”. لأن ورود “أطراف حكومية” في توصيات “سيداو” سيكون مدخلا لتثبيت الإدانة على نظام الأسد، والتي يعمل جاهدا للافلات منها، فتم نشر الخبر بصيغته المبهمة والتي تخلو من أي محتوى. بقيت فقط “وأمّا بخصوص”..
وأشار معلقون أن النساء السوريات، سواء كنّ الآن نازحات أو مشردات، فهن كذلك بسبب نظام الأسد وحربه على شعبه. وأنه “مهما تلاعب بالألفاظ فستكون بصماته موجودة” على كل قتيل وقتيلة في سوريا، بل على “كل سوريا” التي “خرّبها وقتل شعبها” ويسعى الآن للتلاعب بالكلمات ليخفي “آثار” جرائمه.
وعن تهرب إعلام الأسد من قضية محاسبة الجهات الحكومية التي قد تكون تورطت بالعنف الجنسي، فوصفه مراقب حقوقي، بأنه “لاجدوى منه” ولن يترك أثره “على تحقيقات المنظمات الدولية التي أثبتت تورط أطراف” تتبع لحكومة الأسد “بجملة انتهاكات لاتحصى، منها “العنف الجنسي” التي وثّقته جهات حقوقية عديدة وتبنّتها الأمم المتحدة رسمياً، فلاينفع معها “قطع رأس خبر” أو تجاهله والالتفاف عليه.


المصدر: العربية نت