ماتزال “أزمة المحروقات” الشغل الشاغل للسوريين مع استمرار فصل الشتاء بموجات البرد غير المسبوقة، وكأنه يعاكس إمكانياتهم المحدودة، ويجبرهم على خوض تجارب قاسية لتأمين شيء بسيط من الدفء.
وسواء كنت تعيش في مناطق سيطرة النظام أو في مناطق المعارضة فالمعاناة واحدة، وأينما وجدت يمكنك الحصول على ما تريد من كافة أنواع الوقود (غاز، مازوت، بنزين، كاز) فقط إن كنت من الميسورين ماديا.
ففي دمشق وبحسب ما نشرت صفحة “يوميات قذيفة هاون” الموالية، قامت دوريات التموين في المحافظة بضبط “210” ليتر من البنزين معدة للتهريب خلال شهر كامل أي مايعادل برميلا واحدا، وذلك بهدف أن
يبرهنوا عبر إعلامهم أن عمليات التهريب باتت تنحسر بهمة أبطالهم من الجيش السوري عبر ضبط الحدود والتشديد على الحواجز المنتشرة في كل حدب وصوب من مناطقهم.
فتساءل أحد المواطنين معلقا على الخبر:” كنتم سابقا تتذرعون بانتشار مهربي المحروقات واستغلالهم للأزمة لبيعها في السوق السوداء بسعر مضاعف، وأن ذلك تسبب بحدوث الأزمة على الكازيات وحرمان المواطنين منها، ترى ماهي حجتكم الآن مع هذا الرقم البسيط من البنزين المهرب، هل سنستيقظ غدا ونرى الكازيات ترحب بنا دون رؤية الطوابير التي يضطر البعض منا للنوم ربما أمامها أياما لتحصيل بعض الليترات من المازوت أو البنزين؟”.
وعلق آخر ساخرا:” والله بيكون شي معتر متلي اضطر يشتري البنزين من السوق السودا فألقى التموين القبض عليه بجريمة تهريب مادة حيوية وسيطبق القانون بحقه وقد يعدم في ساحة المرجة، بس الخبر منقوص..كل كازية باعت آلاف الليترات بالسوق السوداء، وكل دورية على الكازية حصتها بسعر هذه الكمية، الظاهر لقطو الحرامي الصغير ونفد المهرب الكبير”.
أما في حلب التي أصبحت مؤخرا في قبضة النظام، فالوضع أسوء بكثير مما هو عليه في باقي المحافظات، فمن تجول في شوارعها لا يضطر لانتظار إشارة المرور لتصبح حمراء كي يعبر الشارع بعد أن عكف كثير من السائقين وركنوا سياراتهم ومركباتهم لندرة وجود المحروقات في المدينة، والسبب واضح كما يشاع أن إيران الداعم الأكبر للنفط قد توقفت عن ذلك لأسباب مجهولة، بل جل ما تشاهده سيارات “الشبيحة تتجول هنا وهناك غير آبهين بما يعانيه المدنيون من صعوبة في المواصلات وتأمين مازوت التدفئة، وتعدا ذلك مولدات الأمبيرات ليحرموا حتى من الكهرباء.
أما في مناطق سيطرة المعارضة فالمحروقات متوفرة وبكثرة وتجدها في كل مكان لكن ارتفاع أسعارها يشكل عبئا إضافيا على الأهالي، فضلا عن اعتمادهم في التدفئة على المازوت المكرر بطرق بدائية ما تسبب بحوادث كثيرة وحرائق تسببت بأضرار بشرية ومادية كبيرة كونه قابل للاشتعال والانفجار لاحتوائه على كميات متفاوتة من الغاز والبنزين.
يبقى المدنيون ضحية الحرب ويدفعون ثمنها غاليا، فويلهم تأمين قوت يومهم أو تأمين وقود للتدفئة، في ظل نقص فرص العمل وتدني سعر الليرة السورية مقارنة مع العملات الأخرى وخاصة الدولار فقد عاد للارتفاع بعد ان شهدت الأسواق استقرارا بسعره.
مجلة الحدث_ سماح الخالد