ليلة باردة على سفوح جبل الشيخ انتقلت للسكن بعد أن هجرت من منزلي من ضواحي دمشق بعد توقف الثلج وبزوغ الشمس قررت الجلوس أمام المنزل للاستمتاع قليلا بالشمس يعكره القصف والرصاص من حولنا……..
صديقي عبيدة جاء إلى منزلي وطلب أن نذهب بجولة على الدراجة النارية لكني اعتذرت منه …….
قال لي ما هذا يا أستاذ تخجل ركوب الدراجة؟!
لا يا عبيدة ..لا
لا يا عبيدة لا ….لكن الاشتباكات قريبة جدا والطلق الناري الطائش لا يتوقف…
كما تشاء يا أستاذ…
دقائق ونسمع طائرات السوخوي هل من المعقول أنها طائرة سوخوي
ممنوع التحليق هنا. معقول
دخلت المنزل لارتفاع صوتها وفتحت جدار الصوت ثواني قليلة كانت كافية لتحدث زلزالا وتهز المنطقة التي أقطنها, الزلزال كان وقعه صاعق…..
صراخ في الخارج….صراخ…صراخ
خرجت ﻷعرف ما جرى ..من أين الصراخ؟ سمعت رجلا ينادي….الطائرة قصفت الساحة…الطائرة قصفت الساحة .الله أكبر الناس يركضون باتجاه الساحة .. البكاء…الصراخ ركضت باتجاه الساحة كان العم أبو درغام يركض أسرع مني نعم يركض.. كون منرله يقع في الساحة
أحسست وأنا أركض أن الطريق ..يطول…ويطول.. وصلت ﻷشاهد ما لم أشاهده في حياتي
تقدمت ببطء ﻷشاهد ما أحدثته السوخوي
الدمار ورائحة الدم تملآن المكان….
عبيدة على الكرسي بقي جالس
لم يتحرك أبدآ تقدمت نحوه كانت شظية قد مزقت رأسه من الخلف عيناه الزرقاوتان لم تغلق بقيت قليلا مفتوحة..مات عبيدة
نظرت إلى أبو درغام……أبو درغام أمسك ولده درغام ذا السابعة عشر من عمره كان قد فارق الحياة ثم أمسك ولده الثاني معتصم ذا اﻷربعة عشر من عمره أيضا فارق الحياة أمسك ولده الثالث والرابع والخامس جميعهم فارقوا الحياة أطفال.. نعم أطفال…
نظر إلى أمه كانت مازالت ممسكة بالسبحة لم تتركها ولم تترك أحفادها يذهبوا وحدهم ماتت الحجة أم محمد أما عائشة أخت أبي درغام فكانت نائمة على صدر أمها كانت القذيقة قد مزقت جسدها ماتت عائشة إلى جانب أمها وأولاد أخيها أشعل أبو درغام سيجارة وترك أولاده وأمه وأخته وذهب …إلى أين ذهب؟!
أم عامر.. منذ يومين قالت لي يا أستاذ ادع الله ليوفق ابنتي بالجامعة…… أم عامر لم يرحمها الصاروخ الحارق ..أبدآ لقد مزق الصاروخ أمعاءها لم تذهب وحدها….. نعم أم عامر للم تذهب وحدها أخذت معها أولادها التوأم نزار وشاهين… نزار قبل أسبوع أزعجني فأنبته …..
شاهين.. ذهب شاهين ونزار لم يدعا والدتهما …
أبو سامي أتى حاملا ابنه وبيده حقيبته المدرسية
يا أستاذ ..يا أستاذ ابني عائد من مدرسته ابني مات .. ابني مات..
نعم …..نعم يا أبو سامي مات الأحباب
من قائد الطائرة إلى القاعدة
تمت المهمة بنجاح……..!!!!!!!!!!!!!
المحامي محمد الخليفة