مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية واحتدام المنافسة بين المرشحين الجمهوري والديمقراطي دونالد ترامب وكامالا هاريس، ينتظر العالم بفارغ الصبر معرفة من سيكون شاغل البيت الأبيض الجديد، وتأثير ذلك على السياسة الخارجية الأميركية والعلاقات الدولية. فروسيا على سبيل المثال تفضل ترامب، حتى وإن ادعت عكس ذلك، بينما تميل إيران إلى هاريس، وكذلك أوروبا. والعرب منقسمون؛ بينما لا ترى الصين فرقًا كبيرًا، إذ يتفق كلاهما على ضرورة محاصرتها. وللسوريين أيضاً تفضيلاتهم، رغم أن أيًّا من المرشحين لم يذكر سوريا ولو عابرًا في حملته الانتخابية. يفضل جزء من المعارضة السورية ترامب، ومن المفارقات أنهم يتفقون مع النظام، كلٌّ لأسبابه الخاصة.
ويستند موقف بعض المعارضين السوريين من ترامب إلى الاعتقاد السائد بأنه سيكون أكثر حزمًا تجاه إيران وحلفائها في المنطقة، خاصة منذ أمر بقتل القائد العسكري قاسم سليماني في مطار بغداد مطلع العام 2020. لكن من يفحص سياسات ومواقف ترامب عن كثب، بما في ذلك تلك التي تبناها خلال ولايته الأولى، سيلاحظ أن سوريا لا تهمه على الإطلاق، فقد وصفها ذات مرة بأنها “رمل وموت”. ولا يشير تشدده تجاه إيران إلى أي رغبة في الحد من نفوذها في سوريا أو المنطقة ككل، بل هو انتقام شخصي من سلفه الرئيس السابق باراك أوباما، ومحاولة لمحو إرث الأخير بالكامل، بما في ذلك في السياسة الخارجية.
إن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 وإعادة فرض العقوبات على إيران وتشديدها كجزء من سياسة “الضغوط القصوى” التي ينتهجها، ليس أكثر من محاولة للتوصل إلى اتفاق جديد يحمل اسمه. وهو الهدف الذي سعى ترامب إلى تحقيقه بكل الوسائل، بما في ذلك محاولته اليائسة لالتقاط صورة مع كبار المسؤولين الإيرانيين (روحاني وظريف على وجه الخصوص) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2020.
كما يجب أن نتذكر أن ترامب تجنب الرد على إيران في مناسبتين على الأقل عندما تعرضت مصالح أميركا وحلفائها في المنطقة للهجوم: الأولى عندما ألغى في اللحظة الأخيرة أمراً بمهاجمة منشآت عسكرية إيرانية رداً على إسقاط طائرة الاستطلاع الأميركية غلوبال هوك، وهي الطائرة الأغلى ثمناً، فوق المياه الدولية في الخليج في يونيو/حزيران 2019. والثانية عندما اعتبر ترامب أن إدارته غير معنية بالهجوم الإيراني، بعد ثلاثة أشهر، على منشآت أرامكو في شرق السعودية. وهذا يشير، على عكس ما يعتقده كثيرون، إلى أن ترامب غير مهتم بالمواجهة مع إيران. فهو في نهاية المطاف رجل أعمال ويجب تقييمه من هذا المنظور. فهو يتعامل مع السياسة الخارجية بمنطق الصفقات، ويمارس الضغوط للوصول إلى صفقة، وهو ما سيفعله على الأرجح مع إيران إذا انتخب لولاية ثانية.
فضلًا عن ذلك، وباعتباره رجل أعمال، ينظر ترامب إلى الوجود العسكري الأميركي في شمال شرقي سوريا باعتباره عبئًا يجب تخفيفه، تمامًا مثل الأعباء الدفاعية الأميركية المرتبطة بالأزمات أو الالتزامات تجاه الحلفاء. ومن هنا، فمن المرجح أن يستكمل ترامب، في حال انتخابه، ما بدأه في عام 2019 بشأن انسحاب القوات الأميركية من مناطق شرق الفرات. وهذا ما يفسر تفضيل النظام له، إذ أن استمرار وجود القوات الأميركية ودعمها للميليشيات الكردية في منطقة الجزيرة الغنية بالموارد يمنع عودتها إلى سلطة دمشق. وفي الوقت نفسه، فإن استمرار وجودها يعزز موقف الأكراد تجاه محاولات النظام فرض شروطه في أي مفاوضات مستقبلية محتملة. وعلى عكس إدارة بايدن-هاريس، التي تضم مسؤولين يعتبرون أصدقاء للأكراد، لا يبدي ترامب أي اهتمام بمصير الأكراد، الذين لعبوا دور القوات البرية في الحملة الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ومن المرجح بالتالي أن يتخلى عنهم بسرعة إذا انتخب. ورغم أن أغلب التوقعات تشير إلى أن أغلب فريق السياسة الخارجية والأمنية في إدارة بايدن سيغادر إذا فازت هاريس، انتقاما لتهميشها خلال الفترة التي سبقت ترشحها للرئاسة، فإن كل الدلائل تشير إلى أن سياسات هاريس تجاه سوريا لن تختلف كثيرا عن سياسات بايدن وأوباما، وهو خيار سيئ آخر يتفق النظام والمعارضة على رفضه.
عن صحيفة Middle East Monitor بقلم مروان قبلان الخميس 19 أيلول (سبتمبر) 2024.
Well done on writing this piece! Anybody interested in the subject should read it because of your extensive study and straightforward explanations. This article taught me a lot, and I will be using it again and again. I appreciate you imparting your wisdom.
Your blog post made me see [topic] in a whole new light. Thank you for broadening my perspective.
I found this article to be very enlightening. Your thorough research and clear explanations make it a pleasure to read. The practical examples you included were particularly helpful. Thank you for sharing your knowledge and expertise.