في زحمة الأحداث والمستجدات اليومية والمتغيرات السياسية التي تعصف بالساحة السورية، تبقى قضية المعتقلين والمغيبين في أقبية المخابرات والأفرع التابعة لقوات الأسد هي الحدث البارز الذي لا يمكن تجاوُزه وخاصة في ظل أرقام وتقارير تتحدث عن عشرات الآلاف من المفقودين الغير معروفي المصير.
وفي حديثنا عن سياسة الاعتقال والاختطاف الممنهج الذي تمارسه مخابرات الأسد لا بد لنا من الحديث عن فرع الموت والتنكيل “الفرع 215” أو ما يعرف بفرع المُداهَمة الذي يقع في كفرسوسة في دمشق ويتبع للمخابرات العسكرية ويحوي 7500 معتقل من الرجال والنساء والأطفال، الداخل منهم مفقود والخارج مولود من جديد.
يعتبر “215” من أقل الأفرع الأمنية إفراجًا عن المعتقلين، فمن لم يمت منهم تحت التعذيب، مات بسبب الأمراض، أو بحكم تعسفيّ من قاضي عسكري برتبة عميد لا سلطان لأي قانون عليه، وأفادت العديد من المنظمات الإنسانية المعنية بمتابعة شؤون المعتقلين أن معدل حالات الموت اليومية بداخله تتراوح بين 20 إلى 30 حالة.
أحد الناجين من ريف دمشق والذي رفض الكشف عن اسمه لوسائل الإعلام لأسباب أمنية أكد أن الفرع يضم معتقلين شبابًا من التيارات الإسلامية من مختلف الجنسيات وحتى الأوروبية “منها ويمارس عليهم أقسى أنواع التعذيب الممنهج، وبعضهم تجاوزت فترة اعتقاله الخمسة أعوام.
في حين أفادت إحدى المعتقلات من دمشق والتي خرجت قبل عدة أشهر أن النساء يعانين أكثر مما يعانيه الرجال في “أقبية الموت” كما سمتها، وأضافت: يشرف على السجن شخص يبلغ من العمر ستين عامًا، لا رحمة في قلبه وتصرفاته وملقب “بشرشبيل” حيث يشرف على تعرية النساء أثناء التفتيش، وعلى شَبْحهن عاريات لساعات طويلة.
فيما قال أحد الناجين من ريف إدلب: إنه تمكن من إحصاء الوفيات داخل الفرع لفترة أربعة أشهر تقريبًا، وبلغ عددهم 704 وفيات، بين مقتول تحت التعذيب أو مفارق الحياة لمرض، حيث تعتبر التقرحات الجلدية التي تصل إلى منطقة العظم وفي كثير من الأحيان تتسبب بانهيار “اللحم من جسم الإنسان وتساقطه” من أبرز أسباب الموت، ثم تأتي بعدها حالات فقدان العقل بسبب التعذيب التي يمكث صاحبها لأسبوع أو عشرة أيام ثم يموت، وأكد أن حالات فقدان العقل يوميًّا تتراوح بين 2- 4 حالات، ومن يموت يتم إلقاء جثته في مهاجع المساجين أو في دورات المياه ويبقى لأيام قبل أن تسمح إدارة المعتقل للمساجين بإجلاء الجثث إلى ساحة الفرع ليتم ترحيلها إلى المقابر الجماعية.
وأفاد أن بداية شهر نيسان من العام الحالي 2014 شهد حملة إعدامات جماعية وبشكل ميدانيّ بدون محاكمة، يصعب تقدير عدد الضحايا الذين سقطوا فيها، وأن هذه الحملة تتكرر بشكل دائم كل فترة من الزمن.
ناشطون من دمشق أكدوا أنه يتم نقل الموتى أو الذين ينازعون الموت إما إلى مشفى601 بالمزة أو إلى مشفى تشرين العسكري في برزة ومنه لمقابر جماعية في منطقة “نجهة” في ريف دمشق، وذلك تحت إشراف المخابرات وبشكل سري، ولذلك لا يعرف ذوو المعتقلين أي أنباء عن أبنائهم المعتقلين.
سياسة التغييب القسري والاختطاف كانت السمة الأبرز لأفعال المخابرات وقوات الجيش الأسدي التي تدخل إلى المناطق الثائرة، وذلك لاعتقادها أن تغييب أبناء المنطقة الثائرة سيمكنها من إطفاء جذوة الانتفاضة الشعبية، وهذا ما لم يحدث على طول الأربعة أعوام.
المصدر : “الدرر الشامية”