صعّدت الدول الغربية لهجتها إزاء دمشق مؤكدة على ضرورة “محاسبتها” جراء الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة حيث يحتاج عشرات آلاف المدنيين إلى مساعدات غذائية وطبية ملحة.
وتنتظر الأمم المتحدة السماح لها بادخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام منذ العام 2013، وتتعرض منذ نحو أسبوعين لحملة قصف أسفرت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 628 مدنياً بينهم 151 طفلاً، واصابة أكثر من 3500 آخرين بجروح.
وفي جنيف، قرر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة تاجيل التصويت على مشروع قرار قدمته بريطانيا يطالب بتطبيق قرار مجلس الامن الدولي الذي ينص على وقف لاطلاق النار 30 يوماً في سوريا “من دون تأخير”، لاتاحة المجال أمام ادخال المساعدات وإجلاء المرضى.
كما تطالب بريطانيا أيضاً بفتح تحقيق “عاجل حول الاحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية”.
وتبلغ مساحة المنطقة الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة حوالى 100 كلم مربع من اجمالي مساحة الغوطة الشرقية.
وفي مكالمة هاتفية الخميس، أكدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الأميركي دونالد ترامب أن “النظام السوري يجب أن يحاسب على التدهور المتواصل للوضع الإنساني في الغوطة الشرقية”.
كما شدد ترامب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة على أنهما لن “يتسامحا” في حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية.
– “ننتظر المساعدة” –
وينتشر الدمار بشكل واسع في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وبدا المشهد ذاته في مدينتي دوما وحمورية حيث تحولت أبنية عدة إلى جبال من الركام فيما انهارت أخرى جزئياً، وسقطت واجهات المحال. وتراكمت في الشوارع الحجارة وأشرطة الكهرباء المقطعة.
وتسبب حصار الغوطة الشرقية بنقص كبير في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. وكان السكان يعتمدون على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب.
أما اليوم فان السكان ينهون اخر ما خزنوه من مواد غذائية في منازلهم، وما توفر يباع باسعار عالية جدا.
وتعاني الكوادر الطبية أيضاً من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات.
وعلى سرير في مستشفى في دوما، تبكي الطفلة حلا (عام ونصف) وقد لفت رجلها اليمنى بضماد أبيض اللون. ووجد الأطباء أن الحل الوحيد يكمن في بترها بسبب النقص في المستلزمات الطبية اللازمة لعملية جراحية تنقذ رجلها.
وقال الطبيب المساعد محمد “حلا ليست الحالة الوحيدة، لدينا الكثير من الأطفال والمدنيين اللذين كانوا ضحية هذا الحصار المفروض علينا”، مضيفاً “لم يستطع هذا العالم فعل أي شيء لحلا وأمثالها”.
وأضاف “نحن ننتظر المساعدات للحفاظ على ارواح المدنيين (…) نحن ننتظر رد فعل من هذا العالم”.
وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أنها قد تتمكن من ايصال مساعدات إلى الغوطة الشرقية “في غضون أيام”، معتبرة في الوقت ذاته أن الهدنة الروسية السارية منذ الثلاثاء لساعات قليلة يومياً “غير كافية”.
وتنتظر أكثر من 40 شاحنة محملة بالمساعدات الإذن لدخول الغوطة الشرقية.
– معبر فارغ –
وبمعزل عن قرار مجلس الأمن حول سوريا، تسري منذ الثلاثاء يومياً بين التاسعة صباحاً (07,00 ت غ) والثانية بعد الظهر هدنة أعلنت عنها روسيا. ويُفتح خلالها “ممر انساني” عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.
الا انه لم يسجل خلال أربعة أيام خروج أي مدني سوري عبر المعبر الذي حددته روسيا.
ومنذ الثلاثاء، تراجعت وتيرة القصف الذي كان الأسبوع الماضي يستهدف يومياً بعشرات الغارات والصواريخ مدنا وبلدات عدة موقعاً في اليوم الواحد عشرات القتلى.
ورغم الهدنة الروسية، تواصل القصف على منطقة المرج ومحيط بلدة الشيفونية حيث تدور اشتباكات بين قوات النظام وفصيل جيش الاسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية.
وأفاد المرصد عن سيطرة قوات النظام على بلدتين جنوب الغوطة.
وتتهم موسكو ودمشق الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة وباستهداف المعبر بالقذائف، الأمر الذي تنفيه الفصائل.
ومن المفترض نقل الراغبين بالخروج إلى “مركز إيواء” في منطقة الدوير شمال دمشق.
وأعرب سكان عدة في الغوطة الشرقية عن خشيتهم من الخروج من دون ضمانات “لغياب الثقة في روسيا”، ومنهم من يخشى التجنيد الإلزامي.
وقال رائد (27 عاماً) في حمورية “نحن لا نرغب بالخروج إلى مراكز إيواء، بيوتنا هنا وأرضنا هنا. لا نريد أن نخرج ونتعرض للاذلال”.
المصدر : فرانس برس