ربطت واشنطن بدء التعاون العسكري بين الجيشين الأميركي والروسي ضد «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة من القوات النظامية السورية، في وقت لوّحت موسكو مجدداً بنشر الاتفاق العسكري بينهما واقترحت تمديد الهدنة 72 ساعة، وسط استمرار خروق هي الأخطر منذ بدء وقف النار مساء الإثنين جراء غارات ومعارك في مناطق مختلفة، بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الأمن مساء وتحديد محققين دوليين وحدات في الجيش النظامي السوري شنت هجمات بالكلور العام الماضي.
وأفيد أمس بدخول قوات أميركية خاصة إلى شمال سورية لدعم «الجيش الحر» والقوات التركية ضد «داعش»، لكن عناصر من فصائل معارضة رفضت وجود الأميركيين وطالبت بطردهم.
وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية إن الوزير جون كيري ندد في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بـ «التأخير المتكرر وغير المقبول في وصول المساعدات الإنسانية» إلى المناطق المحاصرة، قائلاً إن تشكيل الخلية المشتركة لمحاربة الإرهابيين لن يحصل قبل إغاثة المناطق المحاصرة، في وقت نقل موقع «روسيا اليوم» عن لافروف دعوته إلى نشر تفاصيل اتفاق الهدنة وموافقة مجلس الأمن عليه بهدف المساعدة في «تنفيذ الاتفاقات الروسية – الأميركية، بخاصة مكافحة الإرهاب بشكل مشترك وإطلاق العملية السلمية وتحسين الوضع الإنساني». واعتبر لافروف أن الاتفاق «يدفع قدماً عملية حل مشكلات التنظيم الصحيح للقوافل الإنسانية وفق قواعد الأمم المتحدة ويبت بتهديدات الجماعات المسلحة غير المشروعة في منطقة حلب التي تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى الجزء الشرقي من المدينة».
وإذ أعرب كيري ولافروف «في شكل عام عن الرضا حول مراعاة نظام وقف الأعمال العدائية مع الدعوة لمنحه الطابع الدائم»، بحسب «روسيا اليوم»، حضت موسكو واشنطن «على الوفاء بسرعة بوعدها لفصل المعارضة المعتدلة عن «جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي لا يشملها نظام وقف النار والهدنة». وأضاف: «قائمة التنظيمات التي وقعت على الاتفاق مع الولايات المتحدة حول مراعاة وقف النار التي تم استلامها من الجانب الأميركي تضم مجموعة كاملة من الفصائل الإرهابية، التي تتعاون علناً في شكل مفضوح مع جبهة النصرة»، في إشارة إلى «جيش الإسلام» و «أحرار الشام».
وأعلن الجيش الروسي استعداده لتمديد الهدنة 72 ساعة. وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية: «مع أن وقف إطلاق النار يستند إلى اتفاق ثنائي فإن طرفاً واحداً يتقيد به فعلياً». وأضاف: «مع أن الاتفاق الروسي- الأميركي حول وقف المعارك يدخل يومه الرابع، فإن مسألة قدرة المعارضة المعتدلة على احترامه تبقى مفتوحة. كل محاولات الشركاء الأميركيين لكي يثبتوا للعالم أن لديهم سيطرة ولو محدودة على أعضاء المعارضة هؤلاء باءت حتى الآن بالفشل». ودارت معارك عنيفة الجمعة بين النظام والمعارضة وأدت غارة جوية إلى مقتل ثلاثة مدنيين في سورية كما دارت معارك عنيفة شرق دمشق، في أخطر تصعيد منذ دخول اتفاق الهدنة حيز التنفيذ الإثنين مدد مرة أولى الأربعاء.
ونشرت الولايات المتحدة قوات خاصة دعماً للتوغل التركي وللفصائل التي تعتبرها واشنطن معتدلة في هجومها على «داعش» في شمال سورية، على ما أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف ديفيس الذي قال إنه «استجابة لطلب تركي، تمت الموافقة على أن ترافق قوات أميركية خاصة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية المقبولة، فيما تواصل تحرير أراض من التنظيم في منطقة على الحدود مع سورية قرب جرابلس والراعي وحول هذه المنطقة».
وأفاد مسؤول عسكري أميركي بأن هذه القوة تضم بضع «عشرات» من العناصر.
والتقى قائد أركان الجيوش الأميركية الجنرال جوزف دانفورد أمس في كرواتيا قائد أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار، حسب ما أعلنت قيادة أركان الجيش الأميركي.
في نيويورك، مهدت روسيا والولايات المتحدة لإقرار مجلس الأمن اتفاق وقف إطلاق النار في اجتماع عقد أمس في المجلس كان مقرراً أن يقدم فيه سفيرا البلدين في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين وسامنثا باور إحاطة حول مضمون الاتفاق وآليات تنفيذه. وجاء الاجتماع أمس بعد إصرار أعضاء المجلس، لا سيما فرنسا وبريطانيا، على الاطلاع على تفاصيل الاتفاق قبل إقراره، في وقت قال تشوركين إن المجلس «ينظر في تبني قرار» لدعم اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال ديبلوماسي إن «إدخال المساعدات إلى حلب وبقية المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها عنصر أساسي من اتفاق وقف إطلاق النار، وننتظر أن يطلعنا مندوبا الولايات المتحدة وروسيا على كيفية تطبيق الشق الإنساني في أسرع وقت، إلى جانب الجانب المتعلق بوقف إطلاق النار».
وكانت الأمم المتحدة أعلنت أن شاحنات المساعدات لا تزال تنتظر على الحدود التركية السورية «بسبب عدم الحصول على ضمانات من كل الأطراف للحفاظ على سلامة الطواقم الإنسانية».
وقال ديبلوماسي غربي لـ «رويترز» إن تحقيقاً دولياً حدد هوية سربين من المروحيات التابعة للنظام ووحدتين عسكريتين أخريين يحملها المسؤولية عن هجمات بغاز الكلور على المدنيين. وأضاف أن النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تستند إلى معلومات استخبارات غربية وإقليمية. وقال الديبلوماسي: «لقد كانت الفرقة 22 والكتيبة 63 والسربان 255 و253 التابعة للحكومة السورية».
«الحياة»، رويترز، أ ف ب