تيم الحاج / السورية نت
ارتفعت في الآونة الأخيرة عدد حالات تزوير الشهادات الجامعية في جامعة دمشق، وذكرت مصادر من داخل الجامعة لـ”السورية نت” عن دور المتنفذين في نظام بشار الأسد بمنح بعض الطلبة شهادات مزورة، مستغلين مكانتهم الأمنية وعدم تعرضهم للمساءلة القانونية، لا سيما وأن النظام أعطى عناصره وخصوصاً المنخرطين في أجهزة الأمن ضوءاً أخضر داخل الجامعات وخارجها.
وقال أسامة، طالب أدب عربي خريج 2012 جامعة دمشق لـ”السورية نت”: إن “تزوير الشهادات ليس أمراً جديداً على موظفي جامعة دمشق، وأنا أذكر جيداً أنه كان معنا أناس تشتري أسئلة الامتحان عبر أحد موظفي قسم شؤون الطلاب وهذا كله يدخل في باب التزوير، وكانت العملية تتم بسرية تامة، لكنها بالتأكيد كانت بعلم بعض رؤساء الأقسام من المتنفذين ولهم علاقات بأجهزة الأمن الذين كانوا يحمونهم”.
وأضاف، مع مرور الزمن أصبحت الأمور تتكشف وتتضح أكثر فأكثر حتى بتنا نسمع أن “عملية بيع المواد أصبحت تتم بشكل واضح إضافة إلى أنه أصبح لكل مادة سعر معين على سبيل المثال سعر مادة النحو والصرف، 5000 آلاف ليرة وكل ما عليك فعله لتحصل على المادة هو التواصل مع السمسار (أحد موظفي الجامعة) الذي بدوره يبيعك الأسئلة”.
من جانبها، تعزو أسماء طالبة أدب إسباني في جامعة دمشق تخرجت عام 2013، سبب انتشار تزوير الشهادات وبيع المواد في جامعة دمشق، إلى “إدارة الجامعة التي تختار أراذل الناس لتضعهم أمناء على مصير ومستقبل الطلاب”.
وأوضحت أسماء، مع اندلاع الثورة السورية لجأ النظام إلى تحصين الجامعات ومنع حدوث أي مظاهر عصيان أو مظاهرات منددة بالقتل الهمجي للمدنيين في المحافظات السورية، وراح يستعين بأبناء طائفته ليكونوا حراساً على أبواب الجامعات بالإضافة إلى إعطائهم صلاحيات مطلقة بالتصرف بكل شيء”.
وذكرت أسماء لـ”السورية نت” أنها أصبحت تشاهد حرس الجامعة يدخلون إلى قاعات الامتحان يوصون بأبناء جلدتهم كما قاموا بالتحكم بمكاتب الجامعة وعلى رأسها مكتب شؤون الطلاب ومكتب الامتحانات”.
وتابعت: “كان لدي زميلة من الطائفة العلوية ولم تكن تحضر المحاضرات ولا حصة العملي وكانت ترسب في كل المواد حتى أنها اضطرت لترك الجامعة بسبب استنفادها للسنوات المسموح بها بالرسوب، لكنني تفاجأت في أحد امتحانات عام 2013 إذ وجدتها بالقاعة معنا ونحن نقوم بتقديم مادة للسنة الثالثة ويقف بجنبها شخص بلباس عسكري (أحد عناصر قوات النظام) وعند الانتهاء من الامتحان قمت بسؤالها عن أخبارها بعد انقطاعها لسنتين دراسيتين، فقالت لي إنها عادت للجامعة بعد أحد قرارات الاستنفاد وقامت بتقديم مواد السنيين الماضية ونجحت فيها، وهي الآن سنة ثالثة وأكدت أنها ستنجح بفضل زوجها متفاخرة بأنه أحد حراس الجامعة إضافة إلى أنه موظف في قسم الامتحانات، وهو من قام بمساعدتها على النجاح بجميع المواد وسيقوم بمساعدتها على التخرج من الجامعة”.
وأضافت أسماء لـ”السورية نت” لم نعد نستغرب شيء في الجامعة فهي أصبحت إحدى دوائر نظام الأسد، إن أردت أن تنهي معاملة، ما عليك إلا أن تدفع رشوة (وعلى عينك يا تاجر).
وكشفت صحيفة “الوطن” الموالية لنظام الأسد، أن الأمن الجنائي ضبط مؤخراً شبكة لتزوير الشهادات الجامعية بدمشق، وأوضحت أنه تم ضبط المتلاعبين وإغلاق المحال التي تصدر الوثائق المزورة واتخاذ مختلف الإجراءات القانونية.
وبيّنت الصحيفة أن نسبة 4 بالمئة سنوياً على الأكثر من الشهادات الجامعية هي مزورة ويتم ضبطها بعد عمليات التدقيق.
وبحسب المحامي طارق الغزالي، طالب دكتوراه في كلية الحقوق بدمشق، إن “موضوع التزوير بحد ذاته يشكل جريمتين منفصلتين فالتزوير جريمة واستخدام المزور جريمة أخرى”.
ويقول اسماعيل، موظف سابق في جامعة دمشق، لـ”السورية نت”: “عندما جاء النظام بزبانيته من عناصر الجيش وألبسهم اللباس المدني وأعطاهم صلاحيات مطلقة بكل شيء، أصبحوا يضيقون علينا في عملنا وأجبرونا على تركه مرغمين وكانوا يعتقلون كل من يشكون بانتمائه للثورة ولديهم معتقل خاص لهم في المدينة الجامعية في دمشق”.
وأضاف، كانت وظيفتنا هي تجهيز قاعات الامتحان وضبطها، لكن مؤخراً قام الموظفون الجدد بالسماح للطلاب بإدخال هواتفهم المحمولة إلى قاعة الامتحان حيث يتصلون بهم بشكل مباشر ويقومون بحل الأسئلة لهم عبر الهاتف وعندما أردنا منع بعض الطلاب من إدخال الهاتف قاموا بتهديدنا بأحد الحراس الذي قام بدوره بإجبارنا على الرضوخ ومغادرة العمل.
وتندرج هذه الجناية تحت مسمى تزوير وثائق رسمية، كما يقول الغزالي، مضيفاً أنه يمكن أيضاً أن تشمل تزوير أختام رسمية كون الشهادات مختومة بأختام الجامعات ووزارتي التعليم العالي والخارجية السورية، وتتراوح عقوبتها بين 7 سنوات إلى 15 سنة وفق أحكام القانون السوري.
وأضاف يحق للدولة ملاحقة مرتكبي الفعل أينما كانوا في حال اكتشاف الجرم بأي بلد، وتابع الغزالي أنه “بموجب العديد من المعاهدات والاتفاقيات القضائية الموقعة بين الدول، تلتزم الدول الأعضاء بالكشف عن هذه الجرائم، وهذا يحتم عليها إبلاغ السلطات الرسمية للدولة السورية، وتسلم الدولة الشخص المتهم بمثل هذه الأعمال ليُصار تقديمه إلى القضاء المختص”.
يذكر أن موضوع تزوير الشهادات الجامعية والثانوية من الأمور المسيئة للنظام التعليمي في دول العالم، وكثير من الجامعات يلجأ لوسائل عدة للحد من تزوير شهاداتها للحفاظ على القيمة العلمية لتلك الجامعات.